تفسير قوله تعالى: (الذي أحسن كل شيء خلقه)
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد: قال الله عز وجل في سورة السجدة: ﴿ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾ [السجدة: ٦ - ٩].
ذكر الله سبحانه وتعالى من صفاته أنه عالم الغيب والشهادة وأنه العزيز الرحيم، والله هو الذي خلق والذي رزق وهو رب العالمين سبحانه ومن صفاته، أنه يعلم الغيب أي: ما غاب عن الخلق، ويعلم الشهادة أي: ما يشاهده المخلوقون، فالله يعلم ويطلع على ذلك كله، ويجازي على ما يعمله الإنسان وعلى ما ينويه، والعزيز هو الغالب، والرحيم هو الذي يرحم عباده، ويرحم المؤمنين برحمته العظيمة الواسعة.
وهنا ذكر الله سبحانه من صفاته العزة والرحمة سبحانه والعلم، والله بعلمه خلق كل شيء، وبقدرته سبحانه وهو العزيز الغالب الذي لا يقهر أوجد كل شيء وسخر كل شيء ودبر كل أمر.
وهو الرحيم الذي يرحم عباده إذا جازاهم بفضله وبرحمته سبحانه وتعالى، وهو بالمؤمنين رءوف رحيم.
والله عز وجل أحسن كل شيء خلقه، فهو العزيز أمره أن يقول للشيء: كن فيكون على النحو الذي يريده سبحانه، لا يتخلف عما يريده الله سبحانه، ولا يكون على شيء آخر خلاف ما أراده سبحانه، فهو الذي أحسن أي: أتقن صنع كل شيء أوجده وخلقه.
﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ﴾ [السجدة: ٧] أي: بدأ خلق آدم على نبينا وعليه الصلاة والسلام من طين.