تفسير قوله تعالى: (ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم)
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل في سورة السجدة: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ * وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: ١٢ - ١٤].
في هذه الآيات من سورة السجدة يحذرنا الله عز وجل من عقوبة الظلم والإجرام والكفر بالله سبحانه، فإن الإنسان الظالم في حق الله سبحانه وفي حق الخلق تراه يوم القيامة قد نكس رأسه من شدة ما هو فيه من الغم، والذل، والحزن، والخزي، والخجل، والحياء بين يدي الله سبحانه وتعالى على ما فرط فيه وقصر.
ترى الكافر في الدنيا يرفع رأسه شامخاً متعالياً معجباً بنفسه مستكبراً على الخلق، فإذا قام يوم القيامة بين يدي الله سبحانه طأطأ رأسه ووقف ذليلاً حقيراً مخزياً، فلو قد رأيت هذا الموقف لعلمت كيف نجازي هؤلاء على ما فعلوا، ولعلمت أننا لم ننس ما فعل هؤلاء وإنما نؤخرهم لهذا اليوم وهو يوم القيامة حتى يعلم الجميع أن هؤلاء يستحقون عقوبة رب العالمين سبحانه، ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا﴾ [آل عمران: ١٧٨]، ولهم عند الله يوم القيامة العذاب المهين والعذاب العظيم.
قال: ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ [الأعراف: ١٨٣]، فيملي الله سبحانه وتعالى للظلمة ويتركهم ﴿وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [البقرة: ١٥]، فيستكبرون في الدنيا ويعلون فيها، فإذا جاءوا يوم القيامة كانوا أحقر من الذر، وأحقر من النمل، ولا يزنون عند الله سبحانه وتعالى شيئاً.
قال الله: ﴿لَوْ تَرَى﴾ [السجدة: ١٢]، أي: لو رأيت المجرمين وقد نكسوا رءوسهم عند ربهم يوم القيامة لعلمت كيف نجازيهم وهم يقولون لربهم ﴿رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا﴾ [السجدة: ١٢]، يعني: قد استيقنا الآن ﴿فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا﴾ [السجدة: ١٢]، لقد طلبوا أن يعودوا إلى الدنيا وهم في مواقف القيامة في غاية الخزي والذل والندم فيقولون: ربنا أرجعنا! يتحايلون ويطلبون من الله سبحانه ويستغيثون به وبالملائكة وبالمؤمنين، ولا مغيث لهم، يصرخون في نار جهنم ويدعون، فيقول بعضهم لبعض: لقد صبر المؤمنون فنالوا فاصبروا لعلنا ننال من الله عز وجل رحمة، فيصبرون في النار فيطول صبرهم، ويجزعون فيقولون: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ﴾ [إبراهيم: ٢١]، فينادون مالك خازن النار، ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ [الزخرف: ٧٧] أي: ليريحنا مما نحن فيه بالموت فيقول لهم مالك خازن النار: ﴿قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾ [الزخرف: ٧٧] أي أنتم قاعدون في هذه النار فلا موت يريحكم ولن تخرجوا منها أبداً، ويستغيثون بربهم ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ﴾ [فاطر: ٣٧]، ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ [المؤمنون: ١٠٧]، فلا يزالون يسألون ويطلبون ويستغيثون حتى يرد عليهم رداً يفزعهم يقول لهم: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٨]، وكلمة: اخسأ تقال للكلب إذا زجر، فقيل لهم ذلك لأنهم كلاب أهل النار والعياذ بالله ﴿قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٨].
لماذا؟ ﴿إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا﴾ [المؤمنون: ١٠٩ - ١١٠]، فقد سخروا من المؤمنين في الدنيا، وتعجبوا من إيمانهم، فجازاهم الله عز وجل هذا الجزاء يوم القيامة على ما سخروا، وعلى ما تهكموا، وعلى ما ضحكوا بملء أفواههم في الدنيا ساخرين من المؤمنين.
أما المؤمنون فيقول عنه: ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [المؤمنون: ١١١]، ثم قال لهؤلاء: ﴿قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ﴾ [المؤمنون: ١١٢]، كم مكثتم في الدنيا؟ ﴿قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ﴾ [المؤمنون: ١١٣]، العمر الذي عمره أحدهم في الدنيا يقول عنه يوم القيامة: لم يكن إلا يوماً أو بعض يوم فإذا كان يوماً أو بعض يوم فلم لم تعمل في هذا الشيء اليسير عملاً ينجيك من النار وتحصل بذلك الجزاء الأبدي عند الله عز وجل في جنة الخلد؟ لم لا تعمل في فترة حياتك القليلة ما ينفعك كثيراً؟ فإذا ضيعت فلا تلومن إلا نفسك.
﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ﴾ [السجدة: ١٢]، أي: لو رأيت المجرمين وقد نكسوا رءوسهم عند ربهم يوم القيامة لعلمت كيف نجازيهم وهم يقولون لربهم ﴿رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا﴾ [السجدة: ١٢]، يعني: قد استيقنا الآن ﴿فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا﴾ [السجدة: ١٢]، لقد طلبوا أن يعودوا إلى الدنيا وهم في مواقف القيامة في غاية الخزي والذل والندم فيقولون ربنا أرجعنا يتحايلون ويطلبون من الله سبحانه ويستغيثون به وبالملائكة وبالمؤمنين، ولا مغيث لهم يصرخون في نار جهنم ويدعون، فيقول بعضهم لبعض: لقد صبر المؤمنون فنالوا فاصبروا لعلنا ننال من الله عز وجل رحمة فيصبرون في النار فيطول صبرهم، يجزعون فيقولون: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ﴾ [إبراهيم: ٢١] فينادون مالك وهو خازن النار، ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ [الزخرف: ٧٧]، أي: ليريحنا مما نحن فيه بالموت فيقول لهم مالك خازن النار: ﴿قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾ [الزخرف: ٧٧]، أي أنتم قاعدون في هذه النار فلا موت يريحكم ولن تخرجوا منها أبداً، ويستغيثون بربهم ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ﴾ [فاطر: ٣٧]، ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ [المؤمنون: ١٠٧]، عنهم فلا يزالون يسألون ويطلبون ويستغيثون حتى يرد عليهم رداً يفزعهم يقول لهم: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٨]، وكلمة: اخسأ تقال للكلب إذا زجر، فقيل لهم وذلك لأنهم كلاب أهل النار والعياذ بالله ﴿قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٨].
لماذا؟ ﴿إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا﴾ [المؤمنون: ١٠٩ - ١١٠]، فقد سخروا من المؤمنين في الدنيا، وتعجبوا من إيمانهم فجازاهم الله عز وجل هذا الجزاء يوم القيامة على ما سخروا، وعلى ما تهكموا، وعلى ما ضحكوا بملء أفواههم في الدنيا ساخرين من المؤمنين.
أما المؤمنون فيقول عنه: ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [المؤمنون: ١١١]، ثم قال لهؤلاء: ﴿قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ﴾ [المؤمنون: ١١٢]، كم مكثتم في الدنيا؟ ﴿قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ﴾ [المؤمنون: ١١٣]، العمر الذي عمره أحدهم في الدنيا يقول عنه يوم القيامة، لم يكن إلا يوماً أو بعض يوم فإذا كان يوماً أو بعض يوم فلم لم تعمل في هذا الشيء اليسير عملاً ينجيك من النار وتحصل بذلك الجزاء الأبدي عند الله عز وجل في جنة الخلد؟ لم لا تعمل في فترة حياتك القليلة ما ينفعك كثيراً؟ فإذا ضيعت فلا تلومن إلا نفسك.