معنى قوله تعالى (كل يجري لأجل مسمى)
قال الله: ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ﴾ [الزمر: ٥] أي كل من الشمس والقمر ﴿كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [الزمر: ٥]، وتكرر هذا في القرآن في سورة الزمر هنا وفي سورة الرعد وفي سورة فاطر، وجاء مرة واحدة في القرآن بإلى: ﴿كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [لقمان: ٢٩] في سورة لقمان، فكل يجري لأجل سماه الله سبحانه تبارك وتعالى، يجري للأجل المحدود الذي حدده الله وقدره، وإلى الأجل أي إلى هذه الغاية التي وضعها الله سبحانه تبارك وتعالى، فكل يجري للأجل ساعياً نحو هذا الأجل حتى إذا وصل إلى الأجل قامت عليه الساعة، فكل يجري إلى أجل وكل يجري لأجل مسمى.
والأجل قدره الله سبحانه تبارك وتعالى، فالشمس تجري لأجل مسمى، وتشرق الشمس من مشرقها في الوقت الفلاني على المكان الفلاني، وتشرق على البلد الأخرى في الوقت الفلاني، والآن عرفوا هذا الشيء، فهنا في مصر وقت الشروق في الوقت الفلاني، وفي العراق وقت الشروق في الوقت الفلاني، وفي الحجاز وقت الشروق في الوقت الفلاني، حتى في البلد الواحدة في المحافظة الفلانية تشرق الشمس في الوقت الفلاني، وفي المحافظة الثانية تشرق بعدها بدقيقة أو بدقيقتين أو بست دقائق، كل يجري لأجل مسمى يحدده الله سبحانه تبارك وتعالى.
والشمس تجري في هذا الفلك تحت عرش الرحمن سبحانه تبارك وتعالى، فهي ساجدة لله سبحانه تبارك وتعالى، وفي كل وقت شروق تسجد الشمس لله وتستأذن ربها سبحانه تبارك وتعالى في الشروق، حتى يأتي وعد الله سبحانه، فتأتي القيامة وتأتي العلامات الكبرى، ثم يأمر الله سبحانه بتكوير الشمس: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ [التكوير: ١] أي: التفت بعضها على بعض، وانطمس ضوءها، وانطفأ لهيبها، وأسقطها الله سبحانه تبارك وتعالى، قال سبحانه: ﴿وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ﴾ [التكوير: ٢ - ٤] إلى آخر ما ذكر الله عز وجل مما يحدث حين تقوم الساعة، نسأل الله العفو والعافية.
﴿كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [الزمر: ٥] فالشمس تجري لأجل مسمى، والقمر يجري ويدور حول هذه الأرض لأجل مسمى، فيكون الليل والنهار ويكون اليوم ويكون الشهر وتكون السنة لأجل مسمى لا يتغير حتى يأتي أمر الله سبحانه، فالسنة الشمسية ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً، واليوم مقداره أربعة وعشرون ساعة، لا يوجد جزء من ثانية يزيد أو ينقص فيها، فهو أجل مسمى يحدده الله سبحانه تبارك وتعالى!


الصفحة التالية
Icon