تفسير قوله تعالى: (ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون)
﴿ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ﴾ [الدخان: ١٤] أي: تولوا وأعرضوا عن النبي صلوات الله وسلامه عليه، فهذت الاستفهام لإنكار أنهم سيتذكرون الآن لما جاءهم العذاب، فإذا كشفنا عنهم العذاب رجعوا إلى الكفر مرة أخرى، قال سبحانه: ﴿قَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ﴾ [الدخان: ١٣ - ١٤] أي: أعرضوا عنه، ﴿وَقَالُوا مُعَلَّمٌ﴾ [الدخان: ١٤] كما في الآية الأخرى: ﴿إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ﴾ [النحل: ١٠٣] يعني: لا يعلمه الله بل يعلمه رجل في اليمامة اسمه رحمان اليمامة، وقال: بعضهم: يعلمه غلام فلان الأعجمي الذي يقرأ ويكتب، وهذا لسانه أعجمي وليس عربياً، فكيف يعلم النبي ﷺ وهو أفصح الناس وأبلغهم صلوات الله وسلامه عليه، والذي أوتي لجوامع الكلم؟! فهم يكذبون ولا يستحيون من تخريفهم ويصدقون ما يقولون! وقالوا عنه أيضاً (مجنون) وافتروا عليه الكذب وحاشا له من الجنون، قال الله سبحانه: ﴿مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾ [القلم: ٢] يعني: بفضل الله وبرحمة الله أنك لست كما يقولون -ولعنة الله على الكذابين-: ﴿مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ﴾ [الدخان: ١٤].