تفسير قوله تعالى: (وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين)
قال الله: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ﴾ [الدخان: ٣٨] أي: هل خلقنا السموات عبثاً؟ وهل أوجدنا فيها النجوم والكواكب، وخلقنا فيها الشموس والأقمار، وجعلنا فيها ما فيها من ملائكة وخلق لا يعلمهم إلا الله عز وجل عبثاً أم خلقنا ذلك حقاً؟ لقد خلقها الله بالحق، وليعلم من هو الله سبحانه، ولتعرف قدرة الله سبحانه، فيذل العباد لله عز وجل، ويخضعون له ويخشونه، ويعبدونه الله ويطيعونه.
قال الله: ﴿مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الدخان: ٣٩] أي: بالأمر الحق من الله عز وجل: كن فيكون، فقد خلقها بالحق، وخلقها ليقضي بين العباد بالحق، وخلقها لتكون سبباً للحق، فتوجد الشريعة على هذه الأرض ليعبدوا الله عز وجل بالحق.
قال الله: ﴿مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الدخان: ٣٩] أي: أن أكثر الناس يجهلون هذا؛ لأنهم لا يتفكرون، ولو أنهم نظروا نظر المتفكرين المعتبرين المتعظين لعلموا أن الله سبحانه لم يخلق خلقاً عبثاً ولعباً، وإنما خلق الله عز وجل كل شيء لحكمة، قال الله: ﴿أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ * فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ﴾ [الغاشية: ١٧ - ٢١]، أي: ذكر بهذه الأشياء، وذكر بهذه الشريعة، وذكر بربك سبحانه، وذكر بالحق الذي جاء من عند الله، ولكن أكثرهم لا يعلمون.