تفسير قوله تعالى: (فضلاً من ربك ذلك هو الفوز العظيم)
قال الله: ﴿فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ﴾ [الدخان: ٥٧] أي: هذا الذي أعطاه لأهل الجنة هو تفضل منه عليهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل أحدكم الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته)، فهذه رحمة الله عز وجل، فالله أدخلهم الجنة بفضله وبرحمته سبحانه.
﴿ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [الدخان: ٥٧] (ذلك) أي: جنة الله والنعيم المقيم، (هو الفوز العظيم)، فالفوز في الدنيا أن يفوز الإنسان بالمال، أو بالجائزة، أو بالمنصب، ولكن كل هذا الفوز تفوز به إلى حين، وبعد ذلك لا تنعم بهذا الشيء، فالإنسان يفرح إذا أخذ الشهادة وتخرج من الجامعة، فهذا فوز، لكن قد يبحث عن عمل فلا يجد، فيرجع إلى البيت كأنه ما أخذ شيئاً، فلم ينعم بهذا الشيء، ولعله يجد وظيفة، فيفوز بها، ويصرف له مرتباً كبيراً، ثم يصرف هذا المرتب وينتهي، فكل فوز في الدنيا بعده أشياء تنغصه، لكن الفوز الحقيقي هو النجاة من غضب الله، ومن عذاب الله سبحانه، الفوز العظيم هو دخول جنة الخلد، قال ربنا سبحانه: ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾ [آل عمران: ١٨٥]، فكأن النار تشده، ورحمة الله سبحانه تخرجه، فيفوز وينجو من النار ويدخل الجنة، فكيف بمن يدخل الجنة مع السابقين، فهذا أعظم الفوز عند رب العالمين.


الصفحة التالية
Icon