تفسير قوله تعالى: (أفمن كان على بينة من ربه)
قال الله تعالى: ﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾ [محمد: ١٤] يعني هل يستويان؟ وهل يعقل هذا الشيء؟ الإنسان الذي على بينة ودليل وحجة وبرهان من الله، صدق بذلك، وأيقن أن هذا من عند الله فعمل لذلك، وأيقن بالجزاء وبالحساب وبالجنة وبالنار وبالموعد عند الله سبحانه وتعالى، هل يستوي هذا مع إنسان زين له سوء عمله؟ والتزيين إما خلقة وإما فعلاً ودلالة ووسوسة: فالله عز وجل، خلق المال والبنين وجعلهما زينة للحياة الدنيا، وزين النساء، والأرض.
فإذا بهؤلاء ينظرون إلى هذه الأشياء المزينة ولا ينظرون كيف يشكرون الله عز وجل ليستعينوا بالنعمة على عبادة الله سبحانه تبارك وتعالى.
زين الله عز وجل المال فأخذوه سواء من حلال أم حرام، فالمهم أنه مال.
وزين الله عز وجل النساء، وأباح أن تتزوج بالعقد الشرعي، فإذا بالكافر لا يهتم بالعقد الشرعي، ويريد أن يزني ويريد أن يقع فيما يحب ويهوى، ويريد انتشار الخبث والخبائث بين الناس، فيبيح لنفسه ما حرم الله سبحانه.
إذاً: التزيين يكون من الله عز وجل الذي زين الخلق، ويكون كوسوسة في النفس ليأخذ الإنسان الحرام فيأتي الشيطان فيزين هوى الإنسان.
إذاً: المقصود بقوله: ((كمن زين)) أن الخلق يزينه الله عز وجل، والذي يزين للإنسان أن يقع في الحرام الهوى والشيطان.
فهل يستوي من زين له سوء عمله؛ فاتبع هواه فوقع في النار مع الإنسان المؤمن؟ قال سبحانه: ﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ﴾ [محمد: ١٤] العمل السيئ كأن يكون الخلق حسناً من الله عز وجل فإذا بنفس الإنسان تأمره أن يأخذ هذا من الحرام، فجعله الله سبحانه وتعالى من أهل النار؛ لأن الله خلق الخلق ليستدل به على أنه الخالق وحده سبحانه، فيعبد دون غيره.
وإذا به ينظر للخلق فيعبد الخلق من دون الله سبحانه، فيعبد الحجارة ويعبد كذا ويعبد كذا، فزين له سوء عمله يظن أن عمله هذا صحيح، وما علم أن الشيطان أغواه بذلك، وزين له سوء عمله فاتبع هواه من دون الله.


الصفحة التالية
Icon