تفسير قوله تعالى: (قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد)
يقول الله تعالى: ﴿قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ﴾ [ق: ٢٨].
أي: لا فائدة في اختصامكم ولا ثمرة ترجى من ورائه؛ لأنكم الآن في دار الجزاء، ولستم في دار العمل.
((وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ)) في الدنيا ((بِالْوَعِيدِ)) لمن كفر بي وعصاني وخالف أمري ونهيي في كتبي وعلى السنة رسلي.
فقوله تعالى: ((لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ)) ليس المراد به الانتهاء والتوقف عن الخصام؛ لكن المقصود أن يعلموا أنه لا فائدة من الاختصام؛ لأنه لن يعود عليكم الخصام والجدال وتبرؤ بعضكم من بعض واتهام بعضكم بعضاً بفائدة، وكذلك الاستماع لهذا الخصام لن يفيد بشيء، كأنه قال: لا اختصام مسموع عندي، وقد سبق وصح تقديم الوعيد حيث أمكن انتفاعكم به، لسلامة الآلات من السمع والبصر والعقل، وأنتم الذين عطلتم هذه الآلات عن أن تعمل فيما خلقت من أجله، فلم تنتفعوا بكل هذا ولم ترفعوا بذلك أساً، فحق عليكم القول بالعذاب.
وعن ابن عباس في هذه الآية الكريمة قال: إنهم اعتذروا بغير عذر فأبطل الله حجتهم، ورد عليهم قولهم، فقوله: ((قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ)) أي: هذا عذر غير مقبول.
((وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ)) أقمت عليكم الحجة في الدنيا.


الصفحة التالية
Icon