تفسير قوله تعالى: (ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون)
قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ﴾ [الطور: ٢٤] أي: مصون في كن، وهذا أنقى له وأصفى لبياضه.
يقول الشنقيطي: ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن أهل الجنة يطوف عليهم غلمان، جمع غلام، والمقصود: خدم لهم، وقد قدمنا إطلاقات الغلام وشواهدها العربية في سورة الحجر في الكلام على قوله تعالى: ﴿قَالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ﴾ [الحجر: ٥٣].
وقوله: ((وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ)) لم يبين هنا ما يطوفون عليهم به، وذكر هنا حسنهم، فقال: ((غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ)) أي: مكنون في أصدافه؛ لأن ذلك أبلغ في صفائه وحسنه، وقيل: ((مكنون)) أي: مخزون لنفاسته؛ لأن النفيس هو الذي يخزن ويكن.
وبين تعالى في سورة الواقعة بعض ما يطوفون عليهم به في قوله: ﴿بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ﴾ [الواقعة: ١٨]، وزاد في هذه الآية كونهم مخلدين.
وذكر بعض ما يطاف عليهم به في قوله: ﴿يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ﴾ [الزخرف: ٧١]، وقال تعالى: ﴿وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا﴾ [الإنسان: ١٥ - ١٦].
وبعض هذه الآيات نلاحظ أن الفعل فيها مبني للمجهول، يعني: حذف فاعله، فالظاهر أن الفاعل المقصود به هؤلاء الغلمان، كما قال الله تعالى: ﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنثُورًا﴾ [الإنسان: ١٩].