تفسير قوله تعالى: (لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله)
قال الله تعالى: ﴿لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ﴾ [الحشر: ١٣] أي: أنهم يرهبونكم أشد من رهبتهم من الله عز وجل؛ لاحتجابهم بالخلق عن الحق، وذلك بسبب جهلهم بالله، وعدم معرفتهم له، إذ لو عرفوه لشعروا بعظمته وقدرته وعلمه، ولم يستخفوا بمعاصيه، ولم يستخفوا بأوامره، والضمير هنا يعود إلى المنافقين أو إلى اليهود.
ومن هذه الآية نستنبط: أن الفقيه هو من يخشى الله سبحانه وتعالى، وليس من يحشد المعلومات في ذهنه، والدليل على ذلك هذه الآية الكريمة: ((لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ))، ثم علل ذلك بقوله: ((ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ))؛ لأنهم لا يخشون الله سبحانه وتعالى حق الخشية.
والمقصود بقوله تعالى: ((وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ)) أي: ولئن قُدِّر وجود نصرهم، لكن لا يمكن أن يكون نصراً حقيقياً، فالاحتمال هنا في هذه الآية ليس على ظاهره، وبفرض أنهم ينصروهم: ((وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ)).
إذاً: فلابد أن نفهم قوله وتعالى: ((وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ)) أنه على سبيل التقدير فقط، ولا يمكن أن يقع؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: ((وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ))، فالله تعالى نفى نصرهم، فلا يجوز وجوده.


الصفحة التالية
Icon