تفسير قوله تعالى: (إن يوم الفصل كان ميقاتاً فتأتون أفواجاً)
قال تعالى: ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً * يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً﴾ [النبأ: ١٧ - ١٨].
﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا﴾ (ميقاتاً) مفعالاً من الوقت، وميعاداً من الوعد.
((إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ)) أي: يوم يفصل بين الناس وتميز السعداء من الأشقياء باعتبار تفاوت الأعمال، وهو يوم القيامة.
(كان) أي: عند الله وفي علمه وحكمه.
(ميقاتاً) أي: حداً معيناً ووقتاً مؤقتاً ينتهي الخلق إليه ليرى كل جزاء عمله.
﴿يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ﴾ (يوم) هذا بدل من يوم الفصل، أو عطف بيان، كناية عن اتصال الأرواح بالأجساد، ورجوعها إلى الحياة والحشر في الآخرة.
وقال الإمام محمد عبده: النفخ في الصور تمثيل لبعث الله للناس يوم القيامة بسرعة لا يمثلها إلا نفخة في بوق ﴿فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ [الزمر: ٦٨] وعلينا أن نؤمن بما ورد من النفخ في الصور، وليس علينا أن نعلم ما هي حقيقة ذلك الصور.
والصحيح أن المقصود بالصور هو القرن الذي ينفخ فيه لبعث الناس، وهو قول الجمهور.
وزعم بعضهم أن الصور جمع صورة، أي يوم يرد الله فيه الأرواح إلى الأبدان، والأول أشهر وبه تظاهرت الآثار، وهو ظاهر قول الله تبارك وتعالى: ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ [الزمر: ٦٨].
(فتأتون أفواجا) الأفواج: الجماعات يتلو بعضها بعضاً، واحدها فوج، أي: فرقاً مختلفة كل فرقة مع إمامهم على حسب تباين عقائدهم وأعمالهم وتوافقها.


الصفحة التالية
Icon