تفسير قوله تعالى: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم)
قال تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾ [آل عمران: ١٩٥] ((فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي)) يعني: بأني ((لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ)) أي: الذكر من الأنثى، والأنثى من الذكر.
(منكم) وهذه الجملة معترضة مبينة سبب شركة النساء مع الرجال فيما وعد الله عباده العاملين في الآخرة من ثواب الأعمال، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما النساء شقائق الرجال).
روى الحافظ سعيد بن منصور في سننه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (يا رسول الله! لا نسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء، فأنزل الله تعالى: ((فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ)) إلى آخر الآية)، ((فَالَّذِينَ هَاجَرُوا)) أي: من أوطانهم فارّين إلى الله بدينهم من دار الفتنة.
((وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ)) أي: التي ولدوا ونشئوا فيها.
((وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي))، أي: سبيل الإيمان بالله وحده، وهو متناول لكل أذى نالهم من المشركين.
((وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا)) أي: غزوا المشركين، واستشهدوا.
((لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ))، هذه جملة قسمية.
((وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ)) أي: تجري من تحت قصورها الأنهار من أنواع المشارب من لبن وعسل وخمر وماء غير آسن، وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
((ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ)).


الصفحة التالية
Icon