تفسير قوله تعالى: (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف)
قوله: ((رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ)): دلالة على دنائة همتهم وخفتها.
﴿رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ﴾ [التوبة: ٨٧]، وهذا إنكار وذم للمتخلفين عن الجهاد الناكلين عنه مع وجود الطول -الذي هو الفضل والسعة- وإخبار بسوء طمعهم، إذ رضوا بالعار والقعود مع الخوالف لحفظ البيوت، والخوالف: هن النساء، وذلك لإيثارهم حب المال على حب الله، وأنه بسبب ذلك (طبع على قلوبهم) أي: ختم عليها (فهم لا يفقهون) أي: ما في حب الله والتقرب إليه بالجهاد من الفوز والسعادة، وما في التخلف من الشقاء والهلاك.
قال الزمخشري: يجوز أن يراد السورة بتمامها (وإذا أنزلت سورة) أو أن يراد بعضها في قوله: (وإذا أنزلت سورة) كما يقع القرآن والكتاب على كله أو بعضه.
وقيل: هي براءة؛ لأن فيها الأمر بالإيمان والجهاد.
وقيل: المراد كل سورة ذكر فيها الإيمان والجهاد، وهذا أولى وأفيد كما قال الشهاب؛ لأن استئذانهم عند نزول آية براءة عُلِمَ مما مر، وخص ذوي الطول بأنهم المذمومون وهم من لهم قدرة مالية ويعلم منهم القدرة البدنية أيضاً بالقياس.
(رضوا بأن يكونوا مع الخوالف) جمع خالفة وهي: المرأة المتخلفة عن أعمال الرجال، والمراد ذمهم وإلحاقهم بالنساء، كما قيل: كتب القتل والقتال علينا وعلى الغانيات جر الذيول وقال الآخر: إن لم أقاتل فألبسوني برقعاً وفَتَخاتٍ في اليدين أربعاً والخالفة: تكون بمعنى: من لا خير فيه، والتاء فيه للنقل للاسمية، والمقصود: من لا فائدة فيه للجهاد.