عليهم في رأي، ومنهم من قام على الحق المبين، أو يستمد قوته من أثر عن النبي محمد - ﷺ -، ولا يتجافى عن النص القرآني في ظاهره ونصه، فإن جافاه حذفناه، ونظرُنا في ذلك هو نظر شيخ الفقهاء أبي حنيفة النعمان فهو لَا يقدم أثرًا على نص قرآني ظاهر الدلالة أو هو نص فيه.
ولا نتهجم بذلك على حديث لرسول الله - ﷺ -، فهو الحكمة كلها كما قال ذلك الإمام الشافعي، فقد فسر الحكمة في قوله تعالى: (وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ...)، بأن الحكمة هي سنة رسول الله - ﷺ -، فإذا رددنا منها ما يخالف القرآن فنحن نرد ما يجعلها فوق القرآن، وبالأحرى يكون ذلك تمحيصًا للسنة، وتبيينًا لصحيحها من سقيمها، إن عبارات القرآن التي هي نص في دلالتها، ومعانيها، فيها تنزيه لرسالة محمد - ﷺ -، وتنزيه للبعث المحمدي، فإنما ندفع الريب عن الرسول - ﷺ -، ولا نتهجم عليه ولا على حكمته، كتلك الآثار التي توهم أن النبي - ﷺ - سُحِرَ، وكتلك الأخبار الكاذبة التي تقول إن محمدًا - ﷺ - قال عن اللات والعزى ومناة الثالثة الأُخرى: تلك الغرانيق العلا، وإن شفاعتهن لترتجى. إنا نرد هذا وأشباهه تنزيها للرسالة المحمدية الإلهية، مهما يكن راويها من الثقة، ونعدها عليه، وليس بمنزه عن الخطأ والنسيان، ودخول الغلط عليه، وأخشى أن أقول إن من يعتقد ذلك يكون كأهل الجاهلية الذين قالوا: (إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا)، فليبحثوا عن موقفهم كمسلمين مؤمنين، وذلك لأنهم آثروا راويا على القرآن وعلى الرسالة المحمدية كلها، إذ جعلوا الشك يَرِد على بيانها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وإذا كنا قد رددنا بعض ما ينسب للرسول - ﷺ - فنحن نعد المفسر الأول للقرآن هو الرسول - ﷺ -، فهو المفسر لأحكامه المبين لحقائقه، كما قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)، ولا نتصور أن نجد بيانًا يفوق بيان النبي - ﷺ -؛ لأنه يفصل مجمله، ويبين ما يعلو على مدارك الناس، وإن كان في ذاته مبيَّنًا، ولا يصح أن نفتات على الإسلام فنرد قولا صح عن رسول