رَحِيمًا (٥)، ومحمد - ﷺ - كان قد تبنَّى زيد بن حارثة، وتزوج زيد زينب على أنه ابنه - ﷺ -، فلما ألغي التبني بحكم الإسلام تململت به، وتململ من كبريائها، فأراد أن يطلقها، فقال له محمد الأمين - ﷺ - كما أخبر القرآن: (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّه مُبْديهِ)، وهو إرادة الله في الطلاق، وتزويجها النبي - ﷺ -، وقال سبحانه: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا).
، وسنبين ذلك أفضل بيان عندما نتكلم في معاني هذه الآيات إن شاء الله تعالى.
* * *
(تفسير القرآن بالرواية)
إنه لَا شك أن تفسير القرآن بالرواية عن النبي - ﷺ - أمر مقرر ثابت؛ لأن القرآن الكريم بيانه أولا للنبي - ﷺ -، ويجب تحري السنة الصحيحة، ولا يتبع إلا الصحيح، بيد أنه في بعض المروي عن النبي - ﷺ - ما يخالف ما نحسه ونعاينه، كقول بعض المفسرين معتمدين على بعض الروايات بأن بعض الأنهار تنبع من الجنة وأنها تفيض منها، مع أنه ثبت بالمعاينة أنها تفيض من سيول في جبال، أو تنبع من منابع وبحيرات يراها الناس. ومن المقرر أنه إذا كان حديث آحاد بما يثبت العقل أو الرؤيا نقيضه، يُرَدُّ حديث الآحاد، ويثبت بطلان نسبته إلى النبي - ﷺ -، وكذلك ما يُثبِت علم علماء الكون خلافه ثبوتا قطعيا بالبرهان القاطع الذي لَا يتطرق إليه ريب، فقد ذكر الغزالي أنه إذا كان خبر الآحاد يناقض ما أثبته العلم ثبوتا قطعيا، ترد نسبته إلى النبي - ﷺ - أو يؤوَّل، وإن النص المناقض قطعيا يؤؤَل بما لَا يكون بينه وبين العلم القطعي خلاف.
وقد أكدنا في عباراتنا أن العلم الذي يؤوِّل النص القطعي، أو نرد به الخبر عن النبي - ﷺ - يجب أن يكون علمًا قطعيًّا، لكيلا نغير في النصوص بفروض ونظريات لم تثبت بدليل قطعي، ولا يلتفت إليها إزاء النصوص، ولو كانت خبر آحاد ثبتت صحته؛ لأنها فروض لم تؤكد بدليل قطعي كنظرية النشوء والارتقاء،