أولاً: قول النبي - ﷺ - فيما صح عن الرسول - ﷺ - عند ابن تيمية: " مَنْ قَالَ في القُرْآنِ بغَيرِ عِلْم فَلْيَتَبَؤَأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّار " (١)، وقوله عليه الصلاة والسلام: " مَنْ قَالَ فِي القُرآنِ بَرأيِهِ، وأصَابَ فقدْ أخْطَأ " (٢).
ثانيًا: شدد أصحاب الرسول - ﷺ - في منع الأخذ بالرأي في معاني القرآن، ويروون في ذلك عن أبي بكر أنه قال: (أي أرض تُقِلُّنِي، وأي سماء تُظِلُّنِي إذا قلت في كتاب الله ما لم أعلم).
ثالثًا: وكان التابعون يتحرجون في القول في التفسير إلا أن تكون الرواية عن النبي - ﷺ - أو الصحابة، ولقد قال مسروق: " اتقوا التفسير فإنه الرواية عن الله " (٣). وهكذا نرى طائفة من علماء السلف يمنعون التفسير بالرأي المجرد، وابن تيمية يوضح آراءهم ويؤيدها مشددًا فيها، ونحسب أن المبرر الذي جعل ابن تيمية يتشدد في ذلك هو سد الذريعة لمنع الأوهام التي وجدت بتفسير بعض الإمامية، والإسماعيلية، والباطنية، فقد رويت تفسيرات سموها باطن القرآن وجعلوا للباطن باطنا، حتى وصلوا إلى سبعة بواطن، فكان منع التفسير بالرأي دفعًا لهذه الأوهام الباطنية التي أفسدت المعاني القرآنية بتأويلات لَا برهان عليها.
فإذا كان الإسرائيليون قد أدخلوا على التفسير ما ليس بمعقول ولا مقبول، فالباطنيون قد أدخلوا بتأويلاتهم وبواطنهم ما ليس من التفسير في شيء، والله حافظ كتابه من الفريقين، وهو بنوره الساطع يلفظ الخبث كما يلفظ الفلز في كير النار
خبثه.
________
(١) أخرجه الترمذي: كتاب تفسير القرآن - باب: ما جاء في الذي يفسر القرآن بغير علم، وأحمد: كتاب مسند بني هاشم - باب: بداية مسند عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
(٢) رواه الترمذي. الموضع السابق (٢٩٥٢)، وأبو داود في كتاب العلم (٣٦٥٢) بلفظ: " كتاب الله " كلاهما عن جندب بن عبد الله.
(٣) قال أبو عبيد: عن الشعبي عن مسروق قال: اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله. [مؤلفات ابن تيمية (أصول التفسير) ج ١٣ ص ٥٢١].