كان لابد من شروط لإقامة هذا الحد: أن يشهد أربعة بها، ولا يكون ذلك إلا إذا كانت الجريمة معلنة مجاهرا بها، وذلك لَا يكون إلا ممن تعودوا هذه الجريمة، وقد يكون الزنى في أول أمره، ولكن يندر أن يحضره أربعة من الرجال العدول، ومع ذلك يطبق الحكم سدا للذريعة.
ثالثتها: أن التعبير عن الضرب بالجَلْد للإشارة إلى أنه يؤلم الجِلْد، وذلك بأن يكون الضرب قريبا من الجلد، فلا يستره إلا ثوب عادي، ولا يضرب على حشوة من قطن أو نحوه.
والفاء في قوله تعالى: (فَاجْلِدُوا) هي الفاء الواقعة في جواب الشرط، والتعبير بـ (زانية وزان) يفيد أن من يرتكب هذه الجريمة فاجلدوهم مائة جلدة.
وهذه هي العقوبة الأولى، وقد تبعتها عقوبة أخرى، وهي أن تكون هذه العقوبة في العلن لَا في السر، ولذا قال تعالى: (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ منَ الْمُؤْمِنِينَ)، أي ليحضر العقوبة التي هي (عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ منَ الْمُؤْمِنِينَ)، وما حد الطائفة، قيل: اثنان. وقيل: أربعة، ونقول إنها الطائفة التي يكون بها الإعلام، بأن تكون العقوبة في مكان تكون فيه علنية لَا سرية، وسمى الله هذه العقوبة عذابا؛ لأنها عذاب الدنيا، ووراءها عذاب الآخرة، إن لم يتوبا توبة نصوحا؛ ولأنها قاسية غليظة، والرحمة بالجاني تشجيع على الجناية، والغلظة في عقابه رحمة بالجماعة الإنسانية.
ولغلظة العقوبة قال تعالى: (وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ) الرأفة انفعال نفسي يدفع إلى الشفقة والألم والتقزز منها والاستنكار النفسي لها، فلا يصح أن تكون الرأفة هي المسيطرة، وعبر عن ذلك بقوله: (وَلا تَأخُذْكم بِهِمَا رَأْفَةٌ)، أي لا يصح أن تستولي عليكم حتى يقال: إنها أخذتكم، فالرأفة بالجاني استهانة بالحكم وتشجيع عليه كما ذكرنا.
وألفاظ الآية الكريمة عامة، وأجمعوا على أنها تطبق على البكر، أي غير المتزوج، أي غير المحصن الذي أحصن بالزواج ودخل في هذا الزواج.


الصفحة التالية
Icon