والأغنياء فتنة للفقراء باستعلائهم، والضعفاء فتنة للأقوياء بسبقهم إلى الإيمان والحق، وتأخرهم، وهكذا كل من أعطى خيرا دنيويا أو أخرويا يكون فتنة لمن لم يكن مثله، وإن الواجب للمفتون هو الصبر، والواجب على أهل الحق من الأنبياء والصديقين أن يصبروا؛ ولذا قال تعالى: (أَتَصْبِرُونَ) والصبر في الفتنة هو السبيل لاجتياز المحنة والخروج منها مؤمنا خالصا، فالاستفهام هو للتوجيه للصبر، والتحريض، ويلاحظ أن اللَّه تعالى أكد أن الرسل يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق بالجملة الاسمية، وبـ إن المؤكدة، وباللام في خبرها (لَيَأكُلُونَ).
(وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا) كان دالة على الدوام، وأن الناس تحت رقابة اللَّه دائما، يعلم بحال الصابرين والتمكين منهم علم السميع الذي يسمع، والبصير الذي يبصر، ويكافئ كُلًّا بحسب حاله التي علمها اللَّه تعالى إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، فليعملوا عمل ما يرى ويسمع، واللَّه بكل شيء محيط.
* * *
إنكار البعث والتهديد به
قال تعالى:
(وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (٢١) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (٢٢) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (٢٤) وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (٢٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (٢٦)
* * *


الصفحة التالية
Icon