وأما الرحمة فبفتحه باب التوبة وباب المغفرة (وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا). وإن الفضلِ والرحمة والعدالة فيما أنزل سبحانه: (... وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا).
وقد بينِ سبحانه أن الاستخفاء بالأقوال والأفعال عن الرسول أكثره لَا خير فيه: (لا خَيْر فِي كَثِيرٍ من نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ...)، فالنفاق استخفاؤه ضلال، والإيمان استخفاؤه إصلاح، ونفع، ثم بين أن الموالاة بين المنافقين والمشركين مشاقة لله ورسوله، (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)
ولقد بين الله سبحانه وتعالى دعوة الله تعالى ودعوة الشيطان. فدعوة الله تعالى إلى تحكيم العقل، ودعوة الشيطان إلى الضلال والغواية، فالشيطان يدعو إلى تقطيع آذان الأنعام، وتغيير خلق الله، ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا، وبين عاقبة المتبعين لله ولرسوله، وعاقبة المتبعين لأهوائهم، وكيف يرجون الخير ولا يعملون إلا الشر، وهي أماني كاذبة (وَمَنِ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ولا يُظْلَمًونَ نَقِيرًا)، وقد أشار سبحانه إلى أحسن الأديان، وهو الاتجاه إلى الله وحده وإحسان العمل، واتباع النبيين.
وإن الإسلام هو القسط، وقد اتجه سبحانه إلى إصلاح الأسرة بمنع الظلم عن المرأة، فإن شكَتْ مِنْ زوجها نشوزا عالجته هي بالإصلاح، فإن لم تجد استعانت بمن يصلحه من أقارب، وإن لم يجد إصلاحا (وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ...)، وإن تقوى الله في كل الأعمال هي المطلوبة، وهي التي تصلح النفوس. ولذلك صرحت الآيات الكريمة بأنها أمر الله الدائم إلى يوم القيامة، أمر به من سبقوا ومن لحقوا.


الصفحة التالية
Icon