وقد أجمع الصحابة على أن المراد من الإخوة والأخوات هنا الإخوة لأم والأخوات لأم، كما أجمعوا على أن المراد بالإخوة في آخر السورة الأشقاء ثم لأب. وقد سئل النبي - ﷺ - عن الكلالة في هذه الآية فذكر أنها أولاد الأم، وبهذا يتبين أن هذا النص الكريم فيه أحوال ميراث الإخوة والأخوات لأم، وقد ذكر لهم حالين: إحداهما - أن يأخذ الواحد أو الواحدة السدس، والثانية أن يأخذ الأكثر من واحدة أو واحد الثلث يشتركون فيه بالسوية بلا فرق بين الذكر والأنثى، لأن الله تعالى يقول: (فَهُمْ شرَكَاء فِى الثّلُثِ) والشركة الأصل فيها التسوية حتى يذكر النص الدال على التفاوت، ولم يوجد في النص ما يدل على التفاوت. وهناك حال فهمت من التعبير بالكلالة، وهي أن هؤلاء لَا يرثون إلا إذا لم يكن فروع ولا أصول.
هذا، ومرتبة الورثة في التقسيم بعد سداد الديون، وبعد تنفيذ الوصايا، فالتركة لَا تقسم إلا بعد سداد الديون، ولا تميز أنصبة كل وارث إلا بعد تنفيذ الوصايا التي لَا تتجاوز الثلث. فنصيب الورثة دائما لَا يكون إلا في الباقي بعد الوصايا، ولذا قال سبحانه في كل قسمة إنها بعد تنفيذ الوصية والدين، فقال بعد ميراث الأبوين والأولاد: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا)، وقال بعد ميراث الزوج: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا) وقال بعد ميراث الزوجة: (مِّنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ توصونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ).
وهنا أمران تجب الإشارة إليهما:
أولهما: أنه كرر في كل حال حق الدائنين والموصى لهم، تبرئة لذمة المتوفى وتأكيدا لحقهم. وهو دليل على أن حق الدائنين والوصايا هو حق للميت نفسه، فهو أولى من غيره. وقدم الوصايا في الذكر، مع أنها مؤخرة عن الدين في السداد، وذلك للتشديد في تنفيذها؛ لأنها مظنة الإهمال أو مظنة الإخفاء، فكان من الأسلوب الحكيم العناية بتنفيذها، وكان من العناية تقديمها في الذكر.