وقد روى في ذلك قول النبي - ﷺ -: " كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها " (١).
والخلاصة أن هذا النص الكريم فيه إباحة الصيد بعد الخروج من الإحرام بعد أن كان محرَّما في أثناء الإحرام.
ولقد ساد الإسلام أرض العرب بعد أن كانت حجة الوداع، ولكن قد بقيت بعض الإحن في النفوس، ونفس المؤمن يجب أن تكون طهورا لَا يعيش فيها الحقد، ولا حب الانتقام، ولذا نهى الله تعالى عباده المؤمنين عن أن يدفعهم البغض السابق لقوم لأنهم صدوهم عن المسجد الحرام، أن يمنعوهم كما منعوهم، فإن ذلك يكون اعتداء من أهل الإيمان؛ ولذا قال سبحانه:
(وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا) يجرمنكم معناها يحملنكم؛ لأن " جَرَمَ " في هذا المقام وما يشبهه معناها حمل حملا قاطعا، يقال جرمني كذا على بغضه، أي حملني عليه حملا قاطعا، ومن ذلك قول الشاعر:
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة | جَرَمَت فزارة بعدها أن يغضبوا |
والشنآن: البغض الشديد، يقال شَنِئت الرجل أشْنأ شنآنا وشَنْأ أبغضه، والمعنى. لَا يحملنكم البغض الشديد لقوم بسبب أنهم صدوكم، أي منعوكم من دخول المسجد الحرام أن تعتدوا عليهم بأن تصدوهم، فالجاهلية والشرك يبرران ذلك الصد، والإسلام لَا يبرره، لأنه اعتداء على البيت الحرام، واعتداء على شعائر الله سبحانه وتعالى.
________
(١) جزء من حديث رواه مسلم: الجنائز - استئذان النبي - ﷺ - ربه (٩٧٧)، ولفظه عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -: " نَهَيْتكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا، فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة ".