مطاعم؛ لأن الآية السابقة كانت في محرمات المطاعم، فكان السؤال عما أحل منها بعد أن بين ما حرم منها من خبائث، وقد أشار سبحانه وتعالى إلى أن طريق ْالتحليل هو التذكية الشرعية، ولذا كان الجواب في المطاعم الحلال، وبعض طرق التذكية، فقال تعالى:
(قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ) أمر الله تعالى نبيه أن يتولى الجواب، لأن النبي - ﷺ - هو المبلغ للرسالة، وهو المبين لهم والمرشد، وهو المرجع، ومما يتفق مع مقام الرسالة أن يكون هو المجيب، ولكن إذا كان اتجاه الناس إلى ربهم والضراعة تكون الإجابة منه سبحانه من غير توسط أحد؛ ولذا قال تعالى:
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ...)، أمر الله تعالى أن يجيب هو سؤالهم الخاص بالحلال والحرام، لأنه يتعلق ببيان رسالته التي بعث بها، وعمله الذي يتولاه، وهو بيان الشرع للناس، والطيبات التي أحلت - هي غير المحرمات التي حرمت، وما تستطيبه النفوس، ولا تستقذره وتعافه، وبعض الفقهاء ومنهم المالكية فسروا الطيبات بالحلال الذي لم يحرم في نص من كتاب أو سنة، من غير نظر إلى أن الناس يستطيبونه أو لا يستطيبونه، وبعض آخر من الفقهاء ومنهم الإمام الشافعي قالوا: إن الطيب هو الذي تستطيبه النفوس ولا تستقذره، ولم يثبت تحريمه بنص، وعلو، ذلك لا يحل ما نص على تحريمه، لأنه خبيث قذر جاء النص بتحريمه، ولا يحل أيضا المستقذر الذي تعافه النفوس، كالخنافس وشبهها من هوام الأرض، ومثلها كل حيوان أو طعام يثبت ضرره بالإنسان طبيا أو يستقذره طبعيا، لأن هذا الدين دين الفطرة، فما تعافه النفوس المستقيمة لَا يكون حلالا، وعندي أن هذا هو المعنى المستقيم.
وقد بين سبحانه فيما أحل صيد الكلب ونحوه من الفهود والطيور؛ لأن ذلك كان من مواضع سؤالهم، فقال: