أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٦)
* * *
كانت الآيات السابقات، في بيان ما يحل وما يحرم من الأطعمة، ومن يحل من النساء، وذلك يتعلق بغذاء الأجسام وتبعتها، وإن هذه الآية الكريمة لبيان غذاء الروح، وهو الصلاة، ففي الأوليات غذاء الأبدان، وفي هذه غذاء النفوس، وفوق ذلك إن هذه الآية بيان للوضوء والاغتسال، وما يقوم مقامهما، وهذان يكونان من نتائج الغذاء والزواج، فكان التلازم بينهما ثابتا، لأن نواقض الوضوء والجنابة إنما تكون من نتائج الطعام في هذه الدنيا، ومن نتائج متعة الزواج بما يكون بين الزوجين.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) النداء للمؤمنين، والمنادى به الاستعداد للصلاة، بأخذ وسيلتها، وهو الوضوء والاغتسال إن كان ما يوجبها.
وكان النداء بوصف الإيمان للإشارة إلى أن الصلاة ركن الإسلام الركين، حتى إن بعض الحنابلة قرر أن من تركها عامدا، وداوم على تركها لَا يكون مسلما، وأجمع المسلمون على أن من أنكر فرضية الصلوات الخمس بركعاتها يكون كافرا، ولا يدخل في زمرة المسلمين. كشأن من ينكر أمرا من الدين بالضرورة.
وقوله: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) في ظاهرة أن القيام إلى الصلاة سابق على الوضوء على أن الوضوء سابق على الصلاة، وقد أجاب عن ذلك الزمخشري في الكشاف بجوابين: