واليدان ينتهيان إلى المرفقين، والمرفقان: ملتقى عظم العضد بعظم الذراع، وهل يدخل المرفقان في الوضوء فيجب غسلهما. قال ابن جرير الطبري وبعض الفقهاء: إن غسل المرفقين ليس بفرض ولكنه سنة؛ لأن الغاية في قوله تعالى: (إِلَى الْمَرَافِقِ) تحتمل أن يدخل المرفقان في الوجوب، وتحتمل ألا يدخلا، ولا وجوب مع الاحتمال، ولكن الاحتياط في الغسل؛ ولذا كان سنة. وقال بعض الفقهاء: إنهما داخلان في وجوب الغسل، وبنى ذلك على أن (إِلَى) بمعنى (مع) وعلى ما قرره سيبويه مع بعض علماء اللغة من أن ما بعد " إلى " إذا كان من نوع ما قبلها دخل في الحد، وإلا لَا يدخل، وعلى ذلك يكون المرفقان داخلين؛ ولأن النبي - ﷺ - لازم في وضوئه غسل المرفقين، ولم يعرف أنه غسل اليدين من غير المرفقين؛ ولأن جعل ما قبل المرفقين حدا، لَا يكون أمارة واضحة، والأمارات يجب أن تكون معلمة مادية واضحة.
والكعبان هما الجزءان البارزان في أعلى القدم، والخلاف في دخولهما هو كالخلاف في دخول المرفقين، والحجة واحدة.
والمسح يكون في الرأس، لقوله تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ) وقد اتفقوا على أن مسح الرأس كله مطلوب، ولكن على أنه سنة عند الجمهور، وعند مالك مطلوب على وجه الفرضية.
والشافعي قال: إن المطلوب مسح بعض الرأس؛ لأن الباء للبعضية، وقال الثوري والأوزاعي والليث: يجزئ بعض الرأس ويمسح المقدم، وعلى هذا أحمد والناصر والباقر والصادق من أئمة آل البيت، وقال أبو حنيفة: يمسح ربع الرأس مستدلا بما روى من أن النبي - ﷺ - أتى كناسة قوم فبال وتوضأ ومسح في وضوئه على ناصيته (١)، والناصية تساوي ربع الرأس.
________
(١) عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: " كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَهَى إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ، فَبَالَ قَائِمًا " فَتَنَحَّيْتُ فَقَالَ: «ادْنُهْ» فَدَنَوْتُ حَتَّى قُمْتُ عِنْدَ عَقِبَيْهِ «فَتَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ " رواه مسلم: آلطهارة - الرخصة في ذلك (١٣)، كما رواه البخاري: الوضوء - البول قائما وقاعدا (٢٢٤) بغير زيادة " فمسح على خفيه ". والسباطة: موضع رمي التراب والأوساخ. وقد رواه أصحاب السنن بمثل رواية مسلم.