(وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً) ذكر في هذا النص أمورا أربعة اثنان من الرخص المسقطة لاستعمال الماء، واثنان من الأسباب الموجبة لاستعمال الماء مع عدم وجوده من غير مرض أو سفر، أما الأمران المرخصان لعدم استعمال الماء، فهما المرض الذي يضره الماء كالأمراض الجلدية، أو يمنع من الوصول إليه أو استعماله، كبعض الأمراض التي توجب عدم الحركة أو تمنعها، فهاتان رخصتان تسوغان استعمال التراب بدل الماء، والسفر رخصة لذلك، لأنه مظنة عدم وجود الماء، أو لأنه إذا وجد فلحاجة بدنية أخرى غير الوضوء، وهي تقدم عليه لأنها تدفع الموت عطشا أو احتماله، والله غفور رحيم.
ثم ذكر الله سبحانه وتعالى قاعدة لتسويغ التيمم، وهي ما إذا حدث المسبب الموجب ولم يوجد الماء، فقال:
(أَوْ جَاءَ أَحَدٌ منكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً) واللفظان الكريمان كنايتان عن أمور يستهجن ذكرها في بليغ الكلام، فمعنى جاء أحد منكم من الغائط كناية عن كل نواقض الوضوء التي تخرج من السبيلين، والغائط: هو الأرض التي يذهب إليها الرجل ليقضي حاجته. ومعنى لامستم النساء: كناية عما يكون بين المرء وزوجته مما يوجب الاغتسال، وهي كناية قرآنية علَّم الله سبحانه وتعالى الناس منها حسن التعبير وعدم الرفث في القول. وهنا إشارتان بيانيتان: إحداهما: في التعبير بـ " أو " في قوله: (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ منكُم) بدل الواو، إذ إن " أو " فيها معنى الإضراب والانتقال من الخاص إلى العام، وكأنه قيل إذا كنتم في مرض أو سفر لَا يمكن معهما استعمال الماء بيسر وسهولة أو بشكل عام حدث ما يوجب الوضوء أو الاغتسال، فلم تجدوا ماء فتيمموا إلى آخره - الثانية: أن قوله تعالى: (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ منكُم مِّنَ الْغَائِطِ) بلفظ المفرد إشارة إلى وجوب الذهاب إلى قضاء الحاجة فرادى، والعودة فرادى للاستتار.