وأن أهل الكتاب الذين أوتوا علما بالرسالات يعرفون الرسول كما يعرفون أبناءهم، ومع ذلك لَا يؤمنون لأنهم غيروا دينهم أو كتموه، ولا أحد في هذا الوجود أكثر ظلما ممن افترى على الله الكذب، أو كذب بالدلائل القائمة الثابتة الدالة على الحق، ولا يمكن أن يفلح ظالم بكتمان الحق أو إظهار الشرك.
وقد بين سبحانه حال المشركين يوم القيامة، وأنهم لهول يوم القيامة ينكرون أنهم كانوا مشركين.
ومن هؤلاء المشركين من يكون على قلوبهم مثل الأكنة عند الآيات البينات، ولا يؤمنون بأي آية، وإذا جاءوا يجادلون قالوا عن الآيات: إن هي إلا أساطير الأوَّلين، وهم يبتعدون عن الحق، وينهون غيرهم عن اتباعه، وهم في الحالين هالكون بما يفعلون.
ثم يصور سبحانه حالهم في الآخرة فيقرر أنها مفارقة لحالهم في الدنيا، إذ يبدو لهم ما كانوا يخفون، وهم بذلك قد خسروا خسرانا مبينا وجاءتهم الساعة بغتة من حيث لَا يحتسبون، وأن الدار الآخرة هي دار البقاء، والحياة، وكانوا يتوهمون أنه لَا حياة بعد الدنيا، والدنيا بجوارها لهو ولعب، وذكر سبحانه عزاء النبي - ﷺ - بالرسل قبله إذ جحدوا، ثم لَا مناص من أن يبلغ النبي - ﷺ - وألا يكبر عليه إعراضهم مهما تكن حالهم.
وليعلم أن الذين يستجيبون لدعوته الذين يسمعون ويتعظون هم الأحياء حقا، والآخرون موتى وسيبعثهم الله، ويعاقبهم، وهم الذين لَا يسمعون، ويطلبون آيات أخرى غير التي أعرضوا عنها، وقد ذكرهم سبحانه بأن الأحياء جميعا من الحيوان والطيور أمم، والكتاب المحفوظ يحوي كل شيء.
وبين سبحانه أن الذين يعرضون عن الآيات صم لَا يستمعون إليها، وبكم لا ينطقون بالحق، ويعيشون في ظلمات لَا يبصرون، ولقد ذكرهم سبحانه بندائهم لله تعالى في حال شدتهم أو موتهم أو قيامهم أيدعون غير الله، وبين سبحانه أنه


الصفحة التالية
Icon