الظالمين من بعض بسبب ما كانوا يكسبونه، ثم في هذا الجمع الجامع ينادي رب البرية (يَا مَعْشَرَ الْجِنِ وَالإِنسِ...)، ويذكرهم بمن بعث إليهم من رسل يذكرون لهم آياته سبحانه، وينذرونهم لقاء يومهم هذا، فيشهدون على أنفسهم، ولكن غرتهم الدنيا وزخرفها، وأطغاهم أن الله تعالى لَا يهلك القرى بسبب ظلمها، وأهلها غافلون. ولكل درجات بسبب أعمالهم، والله لَا يترك عمل عامل، وهو الغني ذو الرحمة إن شاء يذهبهم، ويستخلف من بعدهم قوما غيرهم، وما وعد به سبحانه آت لَا محالة لأنه لَا يعجزه أحد، وأمر الله نبيه أن يدعو قومه إلى أن يعملوا ما فيه رفعة مكانتهم واجعل نفسك قدوة لهم في العمل، وستعلمون من تكون له عاقبة الدار.
وذكر سبحانه وهْمًا من أوهامهم إذ جعلوا لله تعالى مما خلق من الإبل والبقر والغنم نصيبا وجزءا لما يزعمون آلهة، فما يجعلونه للشركاء يكون لهم، وما يكون لله لَا يصل إليه، ويصل إلى شركائهم، وساء ما يحكمون به في هذه القضية وغيرها.
ومنهم من كان قد زين لهم الشيطان قتل أولادهم بوهم للآلهة التي يزعمون، فأردوهم، ولبسوا عليهم دينهم ولو شاء ربك ما فعلوه وهو افتراء فذرهم أيها الرسول - ﷺ - بعد أن بينت، وحرموا على أنفسهم بأوهامهم، فجعلوا بعض الأنعام للأكل والحرث وأنعام لَا يطعمها كل الناس، وأنعام ممنوعة، وأنعام حرم ركوبها، وأنعام يأكلونها من غير ذكر اسم الله، وكل ذلك افتراء سيجزيهم الله تعالى عليه، وقالوا: ما في بطون هذه الأنعام للذكور منا، ويحرم على أزواجنا، وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء وسيجزيهم الله تعالى على ذلك، إنه حكيم عليم.
وكانوا يقتلون أولادهم سفها بغير علم، ويحرمون ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين.