(قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥)
* * *
هذا أمر ثالث من الله سبحانه وتعالى لنبيه الأمين - ﷺ - أن يبين حالا من أحواله - ﷺ -، يكون فيها تنبيه لهم، وتحذير من أن يبقوا على الشرك، ويستمروا على عصيان الله تعالى، فيأمره تعالى بأن يقول لهم: (إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ).
فذكر هذه الحال من النبي - ﷺ - تنبيه لهم إلى أنهم في مقام من يخاف عذاب يوم عظيم.
ففي هذا النص إنذار لهم بأن عذاب يوم عظيم ينتظرهم، وأنه يجب أن يخافوه، ويتقوه، بأن يقلعوا عما هم فيه من الوقوع في أسبابه، وهو العصيان، وأكبر العصيان الشرك، وأنذروا بأدق تعبير، وأنصف تصوير، وأبلغ بيان إذ جعلت حال النبي - ﷺ - من الخوف من عذاب الله إن عصى منبهة إلى الاقتداء، والتفتيش عماهم فيه من معصية.
وفى الموضع كلام في عصيان الأنبياء أيتصور وقوعه؟ ونقول إن الأنبياء معصومون عن العصيان، ولكن الخوف من العصيان يعتريهم؛ لأنهم لفرط إحساسهم بعظمة الله وإيمانهم بحسابه وعقابه وثوابه، ورقابتهم النفسية لله يكونون دائما في خوف ووجل، لَا لتوقع العصيان، ولكن رهبة من الديَّان.
ولأن العصيان الجلي غير متوقع عبر بـ (إن) التي لَا تدل على الوقوع، فقال (إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي) وهنا فوق التعبيص بـ (إن) التعبير بـ (ربي) فإنه يستبعد عصيان الرب الخالق المنمي الكالئ، الذي هو فوق كل شيء.
واليوم العظيم هو يوم القيامة، وكان عظيما، بما فيه من أمور، من تجلي الله سبحانه وتعالى، وحسابه وعقابه، والتنكير للتعظيم، فهو ذو عظمة متكررة، ولعظمة ذلك اليوم وعذابه قال تعالى:
* * *


الصفحة التالية
Icon