(مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (١٦)
* * *
الضمير الذي يعتبر نائب فاعل يعود على عذاب يوم القيامة العظيم، وهناك قراءة بالبناء للفاعل (١)، ويكون المفعول محذوفا، والضمير يعود إلى ربي أو إلى الله المذكور تعالى في قوله: (أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا). إلى آخره، ويكون المعنى على هذه القراءة من يصرف الله تعالى عنه هذا العذاب العظيم في ذلك اليوم فقد رحمه، وعلى أي حال فالضمير في قوله تعالى: (فَقَدْ رَحِمَهُ) يعود على الله، ولهذا اختار ابن جرير الطبري قراءة البناء للفاعل، إذ يكون الصارف الدافع للعذاب هو الرحيم، فالنسق يكون واضحا.
و (يَوْمَئِذٍ) من إضافة الوقت إلى الوقت أي ذلك في يوم ذلك الوقت وهو يوم القيامة، وكان ذلك رحمة من الله لأن العذاب يكون عظيما، وذهاب العذاب ودفعه رحمة، ومع ذلك فهناك الجنات التي تجري من تحتها الأنهار، والنعيم القيم، فالرحمة إيجابية وسلبية، فالسلبية دفع العذاب، والإيجابية الهداية؛ فإنها في ذاتها رحمة، ثم ما يعقبها من جزاء. ثم ما هو فوق ذلك وهو رضوان الله تعالى.
وذلك كله من الرحمة المتنوعة المتعددة وهو الفوز المبين الواضح الذي لا يماري فيه إلا جهول.
* * *
________
(١) (من يَصرِف) بفتح الياء، وكسر الراء: قراءة عاصم - غير حفص - وحمزة، والكسائي، وخلف، ويعقوب. [غاية الاختصار ج ٢، برقم (٨٣٣)].
(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ... (١٧)
* * *
المس يطلق على ما ينزل بالإنسان من ضر، مثل قوله تعالى: (... قَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ...). وقوله تعالى: (... مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاءُ...)، ومثل قوله تعالى: (وَإذَا مَسَّ الإِنسَانَ


الصفحة التالية
Icon