ثانيها - أنه مشتمل على الإنذار للمشركين والمخالفين والعصاة إن استمروا على غيهم، ولم يستجيبوا لنداء ربهم، ودعوة نبيهم إلى الوحدانية والفضيلة، وتكون مجتمع سليم نقي.
ثالثها - أن النص يتضمن أن القرآن حجة وإنذار لكل منِ بلغه سواء خاطبه
النبي - ﷺ - أم بلغه، وقد بين ذلك قوله تعالى: (لأُنذِرَكم بِهِ وَمن بَلَغَ) أي أن من بلغ القرآن فهو مخاطب به، سواء أكان من العرب أم كان من العجم، وكأنه خاطبه النبي - ﷺ -، ولقد روي أنه - ﷺ - قال: " بلغوا عن الله تعالى، فمن بلغته آية من كتاب الله تعالى فقد بلغه أمر الله " (١)، وروي عن جمع من التابعين أنهم كانوا يقولون: (من بلغه القرآن فقد أبلغه محمد - صلى الله عليه وسلم). وإن هذا النص يستفاد منه أمران:
أولهما - أن من لم يبلغه القرآن ولا يعلم عنه شيئا، فإنه لَا يعتبر قد بلغته الدعوة الإسلامية، وإثمه على الذين تقاصروا عن تبليغها وبيانها.
ثانيهما - أنه لَا معذرة لمن يعرف القرآن، في الكفر بالحقائق الإسلامية.
ولكن كيف التبليغ بالقرآن، والعجمة سائدة في هذا الوجود سواء أكانت إنجليزية أو فرنسية أو غيرهما؟
والجواب عن ذلك أنه يجب في سبيل الدعوة إلى الإسلام؛ التي هي فرض كفاية على المسلمين؛ يأثم المسلمون جميعا إن لم يكن دعاة إلى الإسلام - يجب عليهم أن تفسر طائفة مخلصة مؤمنة فاهمة القرآن تفسيرا موجزا تبين معانيه، ويترجم ذلك التفسير إلى كل لغة أعجمية.
(أَئِنَّكمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أخرَى قل لَا أَشْهَدُ).
________
(١) رواه ابن جرير عن قتادة مرفوعا. وهو مرسل. [جامع البيان ج ٧، ص ١٠٣، ، وأخرج البخاري (٣٣٨٦) عن عبدِ الله بن عمر أنَّ النبي - ﷺ - قال: " بلِّغوا عني ولو آيةً، وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرجَ، ومن كذَبَ عليَّ مُتعمِّداً فليتَبوَّأْ مَقعدهُ منَ النار ".