(فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (٧) وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (٩) وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (١٠)
* * *
الفاء هنا عاطفة على ما قبلها، وهو إقرارهم بأنهم كانوا ظالمين، والذين أرسل الرسل إليهم هم الذين خوطبوا برسالاتهم، كقوله تعالى في بيان سؤالهِم: (وَيوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ)، وقوله تعالى: (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١٠٩).
أكد الله تعالى أنه سيسألهم بنون التوكيد الثقيلة، واللام الممهدة للقسم، أكد - سبحانه وتعالى - أنه سيسألهم، وهو سؤال العارف العالم بما وقع وما كان منهم، وما سيجيبون به، ولكن غاية السؤال أن يقروا بما كان منهم وما يستحقون ولنسألن الرسل الذين أرسل إليهم، وإجابة المرسلين إليهم لتسجيل الحجة عليهم، ولتكون الحجة قائمة عليهم بإقرارهم وقائمة عليهم بشهادة الرسل الذين بعثوا إليهم بأن الحق قد بلغهم (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفسُهُمْ...)، والسؤال في هذه الحال نوع من بيان بطلان ما فعلوا، مع عدم قدرتهم على تغيير ما كان، وأنهم لَا سبيل لهم لأن يتداركوا ما فات، فالسؤال لهم يلقي في نفوسهم بالحسرات، وسؤال الرسل يلقي بحسرات أشد، لأنهم قاوموهم ومنعوهم من الحق وآذوا المؤمنين.
وأنهم بذلك يعلمون أنهم إن عذبوا إنما يعذبون باستحقاق جزاء ما ظلموا.
ولقد روي عن عبد الله بن مسعود أن النبي - ﷺ - قال: " لن يهلك الناس حتى


الصفحة التالية
Icon