بالعمل والجهاد، وإنه يجب الصبر على فراق الأحبة، ومنع المجادلة في الحق، قال تعالى: (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (٥) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٦)
ثم يملأ الله تعالى قلوب المؤمنين إيمانا وهو من عدة النصر، (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (٧) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨).
ويبين من بعد ذلك الالتجاء إلى الله واستغاثئه فاستجاب بإمداد الملائكة الروحي الذي جعله الله تعالى بشرى لهم ولتطمئن قلوبهم.
ورزقهم الله الأمان فناموا، والنوم آمنين قوة، وأنزل الله تعالى من السماء ماءً ليطهرهم به، ويذهب عنهم رجس الشيطان، ويوحي رب العالمين إلى الملائكة أن يثبتوا الذين آمنوا فيثبتوهم، وألقى في قلوب الذين كفروا الرعب، وصار المؤمنون على استعداد للقتال يضربون فوق الأعناق، ويضربون منهم كل بنان؛ لأنهم عاندوا الله ورسوله وساقوه فليذوقوا ذلك البأس ومن بعد النار.
ثم يكون التحريض على القتال والثبات (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦).
وإنه بعد انتهاء المعركة التي كانت فيصل الحق بين قوة الإيمان والكفر، بيَّن الله أن ذلك كان بفضل الله للمؤمنين، وأنه هو الذي رد كيد الكافرين، ووهن تدبيرهم، وأنه سبحانه هو الذي جاء بالفتح وأمر من عنده، وأنه مع إرادة الله تعالى للنصر، لن تغني عنهم فئتهم من الله سبحانه، وإن ذلك من طاعة المؤمنين لله وسماعهم لأوامره، وأنهم لَا يقولون سمعنا وعصينا.
وقد بين الله بعد ذلك أن شر الدواب الذين آتاهم الله عقولا، فأصموا آذانهم عن الحق وتردَّوا في الباطل تردَّيا، وليعلموا أن الله هو المسيطر على القلوب