انصر قِرانا للضيف، وَوَصلنا للرحم، وفكَّنا للعاني إن كان محمد على حق فانصره، وإن كنا على حق فانصرنا.
ويروى أنهم قالوا: اللهم انصر أعلى الجندين، وأهدى الفئتين، وأكرم الحزبين، ويروى أن أبا جهل قال يوم بدر: اللهم أينا كان أفجر وأقطع للرحم فأحْنه، أي فأهلكه.
هذه صور للاستفتاح المروي، وإن صح أن الاستفتاح كان منهم فلعلها جميعها قد وقعت منهم والاختلاف اختلاف عبارات لآحادهم لَا لجمعهم.
وقوله تعالى: (فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ)، قال الزمخشري: إنه تهكم عليهم، من حيث إن الفتح كان على غير ما يرغبون، وقد يقال: إنه أريد الحد، لأنكم إذا كنتم تستفتحون طالبين الفصل بينكم وبين محمد - ﷺ - فها هو ذا الفصل، فاخضعوا له ولكنهم لَا يطلبون حقا، ولا يخضعون للحق، وإن تنتهوا بالإيمان بالحق بموجب استفتاحكم ووعدكم فهو الإيمان وهو خير لكم، وإن تعودوا إلى الباطل ومحاربة محمد ومن معه نَعُدْ إليهم بالنصر، ولن تغني عنكم جماعتكم وكثرتكم شيئا، ولو كثرت، وإن الله تعالى مع المؤمنين دائما بنصره وتأييده، وقد رأيتم مرات هذا " النصر وذلك التأييد، فصارت كلمتهم هي العليا والله عزيز حكيم.
هذا هو توجيه القول الكريم على أساس أن الخطاب للمشركين، وهو ظاهر لا يقاومه إلا سيأتي الآيات السابقة قبلها وبعدها.
وأما تخريج القول الكريم على أن الخطاب للمؤمنين فإنه يؤيد سياق الخطاب، ويكون المعنى إن تستفتحوا أيها المؤمنون، بأن تتضرعوا إلى الله تعالى طالبين الفتح والنصر، وتستغيثون به، فقد جاءكم النصر فعلا، ومعه الغنائم التي طلبتموها وأردتموها، وقد علمتم أن ذلك بفضل الطاعة، والامتناع عن العصيان (وَإِن ثَنتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لكُمْ) أي إن تنتهوا إلى الطاعة، وإصلاح ذات بينكم وتقوية جمعكم، فهو خير لكم، (وَإِن تَعُودُوا نَعُدْ) أي إن تعودوا إلى المشاحنة والخلاف