والثالث: فمن بعد تطهير النفس من السيئات بتكفيرها، يكون الغفران وستر الذنوب، وتكون الرحمة الشاملة، ولقد ختم الله تعالى ذلك بقوله تعالى: (وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) لأن ذلك كله من فضل الله تعالى (وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
ذكرنا الله تعالى بما كان عليه المؤمنون في مكة، إذ كانوا عددا قليلًا مستضعفين في الأرض يخافون أن يتخطفهم الناس، وقد بين أشد ما دبروه، وهو ما أعقبه الهجرة، ليتذكروا شدتهم في رخائهم ولذا قالوا: إن تسع آيات مكية جاءت لهذا التذكير ومنها قوله تعالى.
* * *
المكر لأبلغ الإيذاء
(وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (٣٠) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٣١) وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٢) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣)
* * *
في هذه الآية يذكر الله سبحانه وتعالى ما كانوا يبيتونه للنبي - ﷺ - قبيل أن يهاجر، وإن النبي - ﷺ - كان يدبر للهجرة من قبل ذلك، فقد أخذ يعرض نفسه على


الصفحة التالية
Icon