وإن الإعلام الذي أعلمه اللَّه ورسوله للمشركين هو ما روي عن علي رضي الله عنه: " فقد روى الإمام أحمد عن أبي هريرة قال: كنت مع علي بن أبي طالب حين بعثه رسول الله - ﷺ - إلى أهل مكة ببراءة - فقال: ما كنتم تنادون به؛ قال: كنا ننادي أنه لَا يدخل الجنة إلا مؤمن ولا يطوف بالبيت عريان، وما كان بينه وبين رسول الله عهد فإن أجله أو أمده إلى أربعة أشهر، فإذا مضت الأربعة الأشهر فإن الله بريء من المشركين، ورسوله، ولا يحج إلى هذا البيت بعد العام مشرك " (١) والرواية الراجحة التي تتفق مع المعنى القرآني هي أن يتم لكل ذي عهد عهده، لا أن يكون أربعة أشهر لَا يزيد عليها، كما ستبين ذلك الآية الآتية.
ويوم الحج الأكبر قيل هو يوم عرفة، ورجح الأكثرون أنه يوم النحر (٢)؛ لأنه وإن كان الحج عرفة لَا يتم به الحج، دمانما يتم الحج بالطواف الركن، وهو طواف الإفاضة، ويوم النحر يتوسط بين عرفة وهذا الطواف، ولأن الروايات تضافرت على أن عليا آذن يوم النحر، وقال ذلك عند العقبة.
وسمى الحج الأكبر في مقام العمرة؛ لأنهم يسمونها الحج الأصغر، ولأنه في يوم النحر تكون أكثر أعمال الحج قد أديت، وقال الحسن البصري: إنه اجتمع في الحج في السنة التاسعة المشركون والمؤمنون، وقال: وقد وافق عبادة أهل الكتاب ولم يتفق ذلك قبله ولا بعده.
ونسبة هذا القول إلى التابعي المؤمن الحسن البصري وجدته في الكشاف للزمخشري وأنا أشك في نسبته إليه أو نسبة ما قاله عن اتفاق الحج مع عبادة أهل الكتاب، وتسميته بالحج الأكبر لذلك؛ لأن عبادة أهل الكتاب لَا عبرة بها عند أهل الإيمان ولا عند الله، فإنه بعد بعثة النبي - ﷺ - وجب عليهم اتباعه فيما أتى به من عبادة كما قال - ﷺ -: " لو كان موسى بن عمران حيًّا ما وسعه إلا اتباعي " (٣).
________
(١) سبق تخريجه. وسيأتي بعد.
(٢) ومما يؤيد ذلك ما رواه البخاري: الصلاة - ما يستر من العورة (٣٦٩)، ومسلم: الحج (١٣٤٧) عن أبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الحَجَّةِ فِي مُؤَذِّنِينَ يَوْمَ النَّحْرِ، نُؤَذِّنُ بِمِنًى: أَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ ".
(٣) سبق تخريجه.