والرجاء من هؤلاء المؤمنين لأنهم قدموا ما يسوغ هذا الرجاء، وذكر الرجاء لمنع الاغترار، فإن الاغترار قد يدلي بالغرور، فيفسد التقرب، ولقد قال بعض الصوفية: إن معصية أورثت ذلا وانكسارا خير من طاعة أورثت دلا وافتخارا.
وإن الآية تشير إلى فضل عمارة المساجد بالعبادة، وتنظيفها من الأوساخ الحسية والمعنوية بالمنع من لغو الحديث فيها، وعن النبي - ﷺ - " يأتي في آخر الزمان ناس من أمتي يأتون المساجد فيقعدون فيها حلقا، ذكرهم الدنيا وحب الدنيا، لا تجالسوهم، فليس لله بهم حاجة " (١) وقال عليه الصلاة والسلام: " الحديث في المساجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش " (٢)، وقال عليه السلام في حديث قدسي عن ربه: " إن بيوتي في أرضي المساجد، وإن زواري فيها عمارها، فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني في بيتي، فحق على المزور أن يكرم زائره " (٣)، وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: " من ألف المسجد فقد ألف الله " (٤)، وقال عليه الصلاة والسلام: " إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان " (٥)، وعن أنس رضي عنه: من أسرج - في مسجد سراجا لم تزل الملائكة وحملة العرش تستغفر له ما دام في ذلك المسجد ضوؤه.
________
(١) رواه الطبراني في الكبير، وفيه: بزيغ أبو الخليل، ونسب إلى الوضع. كما في مجمع الزوائد (٤٠٢).
(٢) ذكره أهل التفسير، منهم الرازي، وأبو السعود، والآلوسي، والزمخشري، دون إسناد.
(٣) رواه الطباني عن ابن مسعود ".
(٤) رواه الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. كنزالعمال: ج ١٠ - ص ١٤٨٨، وذكره المنذرى في الترغيب والترهيب: ج ١ - ص ١٣٧ برقم (٤٩٨)، وضعَّفه بابن لهيعة.
(٥) رواه ابن ماجه: المساجد والجماعات - لزوم المساجد وانتظار الصلاة (٨٠٢)، والدارمي: الصلاة - المحافظة على الصلوات (١٢٢٣)، كما رواه الترمذي: الأيمان (٢٦١٧) بلفظ (يتعاهد)، وأحمد: باقي مسند المكثرين (٢٧٣٠٨) بلفظ " المسجد ".