وقد نقلنا هذه الأخبار في آداب المسجد، وعمارته ونظافته وإضاءته من الكشاف للزمخشري، وهي تدل على أمرين: أولهما: أن عمارة المسجد تكون أولا بالعبادة فيه، وبعده عن لغو الحديث، وثانيهما: العناية به وبإسراجه.
* * *
فضل الإيمان والجهاد
قال تعالى:
(أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٩) الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٢)
* * *
كان المشركون بمكة يفاخرون دائما بأنهم سدنة البيت الحرام يسقون حجيجه، ويعمرونه بالتنظيف والتشييد، والقيام على شئونه وما يحتاج إليه من عمارة، وهم أهل جواره الذين يستقبلون الناس ويتطاولون على الناس بهذه المكانة، حتى إنه ليروى أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه كان يقول قبل إسلامه أو قبل أن يظهر إسلامه لابن أخيه علي بن أبي طالب: تذكرون مساوئنا ولا تذكرون محاسننا، كنا نسقى الحجيج ونعمر البيت، ونطعم الطعام، ونأوي المعاني. بل إنه


الصفحة التالية
Icon