الزمخشري أن اللام تفيد هنا أن كان للناس عجبا أن يعجبوا من أنه أوحى إلى رجل منهم، وأن اللام تفيد الملك، أو الاختصاص أو الحق أي متى حق أن يتخذوا الرسول بالحق موضع تعجب واستغراب ثم استهزاء، وقال في بشارة المؤمنين وهو الجزء الأكبر من عمل النبي المبعوث (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ) وقد بينا معنى البشارة والنذارة، ولم تذكر الجنان ولا النعيم المقيم كما ذي سبحانه في آيات كثيرة، ولكن ذكر ما يوجبه ويتادى إليه لَا محالة وهو أن لهم قدم صدقٍ عند ربهم وهي سبقهم إلى الإيمان والتصديق بما جاء به النبي - ﷺ -.
وهنا أمران بيانيان يجب أن نشير إليهما بمقدار ما ندرك.
أولهما - عبر عن السبق إلى الإيمان بقوله تعالى: (قَدَمَ صِدْقٍ) ونقول:
إن هذا مجاز عبر فيه باسم الجزء، وأريد الكل وذلك لأن المراد أن لهم السبق بالصدق، ولكن لأن السبق يكون بالقدم فهي التي بها يكون السير السريع أو البطيء فقد عبر عن ذلك بـ (قَدَمَ)، كما يقال في النعم: " لفلان أيادٍ عليَّ "؛ لأن الإعطاء يكون باليد عادة ".
الأمر الثاني - قوله تعالى: (صِدْقٍ) نقول أنه وعد، ووعد اللَّه صدق دائما ولكن المؤمنين أيضا قدموا بالصدق وهو الإيمان بالحق، فصدقوا الرسول وصدقوا ما عاهدوا اللَّه عليه.
يقول الزمخشري: (فإن قلت لم سمي السابقة قدمًا؟ قلت لما كان السعي والسبق بالقدم سميت المسعاة الجميلة والسابقة قدما كما سميت النعمة يدا لأنها تعطى باليد).
وإضافة القدم إلى (صِدْقٍ) دلالة على زيادة فضل وإنه من السوابق العظيمة.


الصفحة التالية
Icon