اليوم في الشهر برؤية مقدار الهلال فيعرف أنه في الليلة الأولى أو الثانية أو الثالثة إلى العاشرة في سماء العرب الصافية.
وإن ذلك بنظام ثابت لَا يتغير ولا يتحول، وإحكام في الخلق والتكوين؛ ولذلك قال تعالى: (مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ) الأمر الثابت الذي يسير على سنة محكمة هي سنة الله ولن تجد لسنة اللَّه تحويلا.
ثم يبين سبحانه وتعالى أن ذلك كله من آيات اللَّه تعالى التي بينها فقال تعالى: (يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) والجملة مستأنفة، لبيان خلق اللَّه تعالى - يفصل، أي يبين الآيات الدالة على كمال خلقه ووحدانيته (لِقَوْمٍ يَعْلَمُون) ويدركون الحق ويؤمنون به ويذعنون لفاطر السماوات والأرض، ومدبرهما.
وإن اتصال الأرض والشمس والقمر يكون منهما الليل والنهار، كما أن اتصال الشمس بالقمر والأرض يوجد منه نور القمر، وتوجد منه منازله ويكون منه العلم بعدد السنين والحساب، وقد بين سبحانه أثر اتصال الشمس بالأرض فقال تعالى:
(إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (٦)
واختلاف الليل والنهار بمعنى تعاقبهما بأن يكون كل خلفة للآخر، فالليل يعقب النهار، والنهار يعقب الليل، تشرق الشمس على الأرض في دورانها فيكون النهار، ويكون ذلك الإشراق في جزء من الأرض، وفي دورانها تخفى الأرض نصفا منها فيكون ليلا وفي النصف الآخر النهار، وهكذا تتعاقب الأيام والليالي وهكذا النظام الذي ابتدعه منشئ الوجود رب العالمين، وهناك اختلاف بين الليل والنهار تشير إليه الآية أيضا وهو الاختلاف طولا وقصرا؛ فأحيانا يطول النهار ويقصر الليل، وأحيانا يطول الليل ويقصر النهار، وأحيانا يستويان؛ وذلك من تحرك الشمس في فلكها وحسب قربها من الأرض قربًا نسبيا وبعدها عنها نسبيا، ويشير سبحانه إلى ذلك في قوِله شعالى: (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُل فِي فَلَكٍ يسْبَحونَ)، فالشمس تدور في فلكها


الصفحة التالية
Icon