النفس الإنسانية في ضرائها وسرائها
قال تعالى:
(وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١) وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٢) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (١٣) ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤)
* * *
في هذه الآيات الكريمات يبين سبحانه وتعالى لطفه بعباده وإجابته لهم عند الاستغاثة به، وبيان الذين لَا يرجون لقاء اللَّه تعالى، وأنه أمهلهم ليتدبروا إن كان فيهم من يفقه ويدرك، وابتدأ سبحانه ببيان أنه يعجل الخير ولا يعجل الشر.
وفي قوله:
(وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ) - " لو " هنا حرف امتناع فهي تتضمن النفي، ينفى اللَّه أن يعجل وينفَى سبحانه جواب الشرط أيضا وهو (لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) أي ينهى أجلهم لأنه سبحانه لَا يستعجل الشر ولا يعجله كاستعجالهم للخير.
وليس الشر هنا ما يفسد أو يضر إنما يراد به ما يسوؤهم ولو كان عدلا وجزاءً وفاقا لما يفعلون، والمعنى ولو كان اللَّه يعجل لهم ما يسوؤهم ويهددهم به