(اللام) مؤكدة، وتفرق بين خبر (كان) المجرد، وخبر (إن)، فهي تدل على أن الخبر هو خبر (كان)، وبتوكيدها تومئ إلى أن الجملة خبر (إنَّ).
وقد أكدوا بهذا أنهم ما كانوا يعلمون عبادتهم لهم، وأنهم برآء من هذه العبادة، وأنهم ما كانوا يشعرون بهم ولا بما ارتكبوا من إثم مبين وهو الإشراك باللَّه تعالى، وهذا بيان لسوء عملهم وفساد اعتقادهم وضلالهم الواضح المبين، وقد أرسل اللَّه تعالى رسله فبينوه لهم، وكذبوهم حتى حقت عليهم كلمة العذاب واللَّه بكل بشيء عليم.
وقد بين سبحانه وتعالى أن الدنيا دار الابتلاء، والآخرة دار الجزاء فقال عز من قائل:
(هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٣٠)
(هُنَالِكَ) إشارة إلى ذلك الموقف الرهيب والمكان الرفيع، وهو الحشر أمام اللَّه تعالى، وكانت الإشارة بالبعيد؛ لرفعه الموقف أمام اللَّه وشرفه، ولأنهم كانوا يستبعدونه ويظنونه مستحيلا.
(تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ) ها ثلاث قراءات، قراءة بالتاء (تَتْلُو) وقراءتان بالنون (نبلو) إحداهما بنصب (كل)، أي النفوس كلها هي المختبرة، والثانية برفع (كل).
وفى الأولى (تَبْلُو) أي تتلو كل نفس ما أسلفته من أعمال في كتابها الذي تحمله بيمينها أو شمالها فتقرأ عملها محضرا، كما قال تعالى في سورة الإسراء:
(... وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (١٣) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (١٤).
أما في القراءة بالنون برفع كل " نبلوا كلُّ " أي نعاملهم معاملة التعرف لما