تسمى راقية، ثم تعرضت للاقتصاد في مصر، وكيف كان يدبره إلى آخر ما جاء في السورة الكريمة، ثم صوَّرت لقاء الأحبة بعد أن فرق الحسد فيما بينهم.
* * *
الحسد بين الإخوة في سورة يوسف
إذا كان الحسد بين ابني آدم قد حمل أحد الأخوين على أن تطوع له نفسه قتل أخيه، فقتله، فالحسد بين يوسف وإخوته على أن يحاولوا أن يلقوه في غيابة الجب.
رأى يوسف رؤيا صادقة، وهو غلام، قال يوسف لأبيه (... يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) فَهِم يعقوب الأب الحبيب الذي يؤثر يوسف على إخوته باختصاص بمحبة أكثر لصغره، ومنها أن ليوسف منزلة عند الله فوق منزلة إخوته، فقال له: (... لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ).
ولقد أخبره باصطفاء ربه له، وتعليمه من تأويل الأحاديث، ما قد يثير إخوته.
(لَقَدْ كَانَ فِي يُوسفَ وَإِخوَتِهِ آيَاتٌ للسَّائِلِينَ)، أي دلائل تبين حكمة الله تعالى في الخلق والتكوين، وطبائع النفوس، وطغيان الحسد على المحبة الأخوية والمودة الواصلة، وإن تسعة أعشار الجرائم أو كلها سببها الحسد، فإذا اقتلع من النفوس اقتلع أكثر الأخباث النفسية. و (لِّلسَّائِلِينَ) أي الباحثين الدارسين لطبائع النفوش.
ابتدأ التدبير السيئ بقولهم: (... لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٨) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (٩) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ...)، لم ينفذوا القتل، أو لم يريدوه، وذلك للمشورة، فكان منهم