الْكِتَابِ)، والإضافة إليها باعتبارها جزءا من آيات اللَّه، فالإضافة في قوله تعالى: (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ) إضافة بمعنى (من)، أي إن تلك آيات من كتاب اللَّه، أو الإضافة بيانية، أي تلك آيات هي الكتاب. من قبيل أن جزءا في الكتاب هو قرآن يتحدى به، فقد كان يتحدى بآيات القرآن على أن فيها كلها ما امتاز به الكتاب الكريم من المجاز. و (أل) في (الْكِتَابِ) للدلالة على أنه الكتاب الكامل الذي هو جدير بأن يسمى كتابًا، كأن غيره ليس جديرا بأن يسمى كتابا؛ لأنه من عند اللَّه تعالى، وكلام اللَّه تعالى.
وقوله تعالى: (وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ) جملة معطوفة لبيان أن ما أنزل منه من ربك هو الحق الثابت، وهذا من صفات كمال الكتاب، فكان من هذه الصفات:
أولا: أنه ليس من عندك، بل أنزل من اللَّه تعالى إليك، فليس افتراءً ولا كذبا.
وثانيا: هو من ربك الذي يدبر الأمر بحكمته، وينزل كل شيء منزلته، وهو الذي اختار أن يكون المعجزة المحمدية الكبرى.
وثالثا: هو الحق الثابت الذي ما جاء فيه إلا الحق في العقيدة وفي الشريعة، وفى دفع الأوهام، ودفع الفساد في الأرض، وعلاج أمور الناس بالحق، فهو الحق في كل مما جاء به لأنه من الحق جل جلاله، وعلا كماله.
ويكون العطف بين الجملتين (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ)، (وَالَّذِي أُنزِلَ...) إلى آخره، لبيان أن الكتاب متصف بصفتين كلتاهما تؤدي معنى الكمال:
الأولى: أنه الكتاب الكامل في ذاته.
والثانية: أنه الكامل لأنه من عند اللَّه تعالى، فالتقى فيه الكمالان: الكمال الذاتي والكمال الإضافي.