وقد سمعنا أن شر حاكم رآه التاريخ الإنساني أصيبت بلاده التي حكمت به بسبب تقاصره، وظلمه، وقتله الأنفس البريئة وطغيانه المستمر الدفين، ذُكِّر بالصلاة فقال: كيف أصلي له وهو لم ينصرني، ونسي أنه سبب الهزيمة النكراء، وإذا كان ما ينزل بسبب الظلم، وأراد اللَّه النزول كمسبب يكون ثمرة للاعتداء فإنه لا يرد، و (مرَدّ) مصدر ميمي، بمعنى الرد، ثم أكد أن الشر لَا محالة نازل بمن ظلموا أنفسهم، فقال تعالى: (وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ)، أي ليس لهم غير اللَّه من والٍ يواليهم وينصرهم ويدفع عنهم.
وقوله تعالى: (وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ) (مِنْ) الثانية لاستغراق النفي، والمعنى ليس لهم من غير اللَّه أي والٍ من العباد أو غيرهم، لأن ما ينزله اللَّه لا يدفعه أحد من عباده.
بعد أن بيّن سبحانه وتعالى علمه الشامل بكل شيء بين مظاهر الخلق والتكوين قال تعالى:
* * *
(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (١٢) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (١٣) لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (١٤) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (١٥)
* * *


الصفحة التالية
Icon