ومهما يكن فإن الجواهر والآلئ والزمرد والياقوت، وغيرها من الأحجار الكريمة، كالماس والكهرمان ونحوها لم يثبت تحريمها إلا أن يتخذها عقدا كما يتخذها النساء فإن ذلك يكره للتشبه بالنساء.
والنفع الثالث الذي ذكره القرآن الكريم من المنافع التي سخرها الله تعالى:
الفلك، فقال تعالى: (وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ)، (مَوَاخِرَ) جمح ماخرة، وهي السفينة التي تشق عباب الماء حتى يكون لها صوت يسمع، ولا يكون إلا للمراكب الكبيرة التي تحمل الأمتعة والأشياء، ولو كانت شراعية، وإنك لترى الراكب الشراعية ذوات الشراع المختلفة المتعددة وفي ذلك إشارة إلى نعمة التنقل في البحار، وقد كانت من بعد عصر القرآن الأساس في نقل البضائع والرجال من بلد إلى بلد، حتى إنه ليقاس عمران البلاد بمقدار شواطئها على البحار وتمكنها من الانتقال في الأقطار، وقد عمم اللَّه سبحانه بيان انتفاع الإنسان بالبحار، (وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ) سبحانه وتعالى، و (الواو) في قوله: (وَلِتَبْتَغُوا) عاطفة على فعل محذوف هو ثمرة لقوله تعالى: (وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ) لتنقلهم من أرض إلى أرض وبلد إلى بلد، وإقليم إلى إقليم، ولترتبطوا بأقطار الأرض، ولتبتغوا من فضله، أي لتطلبوا فضل اللَّه الذي أفاض به في أقطار الأرض، فينقل كل إقليم ما يفيض من فضل اللَّه إلى الإقليم الآخر، والابتغاء: الطلب بالشدة.
وقوله في منفعة الفلك: (وَتَرَى الْفلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ)، أي أن رؤيتها ذات متعة للأنظار، كما أن النعم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون، كما قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ)، فالجواري تربط الأرض بعضها ببعض، وتربط الإنسان بأخيه الإنسان حيثما كان وأنى سيكون.
وقال تعالى: (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكرُونَ)، أي أسبغ عليكم هذه النعم الظاهرة والباطنة لترجون شكر اللَّه على ما أنعم لَا ليكفروا بها، وكما قال تعالى: (... لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (٧).


الصفحة التالية
Icon