..............................
_________
= المذكور في قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا..)
، وليس من هذه الثلاثة رؤية الله تعالى، وتلقي الرسول منه مباشرة من غير حجاب.
وقد رأى ذلك الرأي الإمام أحمد بن حنبل وقاله أيضا أبو الحسن الأشعري، وقالت طائفة أخرى لم يقع ذلك لحديث مسلم عن أبي ذر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه: " قلت يا رسول الله هل رأيت ربك فقال عليه الصلاة والسلام إنه نور أنى أراه، وفي رواية رأيت نورا ".
والذين قالوا إن الإسراء كان بالروح وفي رؤيا صادقة قالوا ذلك في المعراج، بل هو أولى، فالرحلة كلها كانت رؤيا صادقة، وقد بينا القول في أدلة هذا الرأي بالنسبة للإسراء من قول.
وقد انضم إليهم غيرهم ممن يرون أن الإسراء كان بالجسد والروح، فمنهم من قال إن المعراج كان بالروح وليس في الموضوع نص قرآني يدل بظاهره على أنه كان بالجسد والروح، حتى لَا يكون مناص من اتباعه أو تأويله، بل نجد الألفاظ تقبل أن يكون المعراج بالروح، وبالظاهر المتبادر، لَا بالتأويل المنتزع انتزاعا.
ولننظر في الآيات الكريمات الدالة على المعراج:
دلالة آية الإسراء على المعراج بالإشارة لَا بالعبارة، وذلك في قوله تعالى: (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) فتلك الآيات التي أراها الله عبده هي المعراج، وإمامة الأنبياء السابقين.
والآيات الآخرى التي دلت على المعراج، كانت ألفاظها لَا تدل على المعراج إلا بالإشارات البيانية، ولننظر فيها عبارة عبارة، وكلها من السمو البياني في المكان الأعزل الذي لَا يصل إليه بيان قط.
(عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (٦)، فقد قالوا إنه جبريل عليه السلام، وإذا كان الله تعالى، فتعليمه لا يكون بالتلقين بل يكون بالإرشاد والإيحاء.
وقوله تعالى: (وَهُوَ بِالأفقِ الأَعْلَى)، يراد جبريل. عليه السلام، (ثمَ دَنَا فَتَدَلَّى)، أي نزل وقرب من النبي صلى اللَّه تعالى عليه وسلم، (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى)، عن طريق جبريل، (وَلَقَدْ رَآهُ نزلَةً أُخْرى)، وهو جبريل أيضا، وقوله تعالى: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى)، تومئ إلى أن الآيات الكبرى التي رآها كانت بفؤاده لَا ببصره، وقوله تعالى: (مَا زَاغَ الْبَصَر وَمَا طَغَى)، أي ما كلَّ وما تجاوز حده، والنفي فيه ما قد يكون لأنه لم تكن رؤية بالبصر، حتى يكل المبصر أو يتجاوز حده، وقد يكون لبيان أن البصر لم يتجاوز حده ليطغى، ويحاول أن يرى ما لا يمكن أن يراه، ويزيغ بأن يكل ويمل، ويلقى في النفس ما لم ير.
وإننا عند هذا النظر الفاحص ننتهي إلى أن الإسراء إذا كان بالجسد والروح، فإن المعراج كان بالروح فقط، وأنه كان رؤيا صادقة، وقد اتجهنا إلى ترجيح ذلك لما يأتي:
(١) أنه ذكر في المعراج أنه التقى بالأنبياء آدم وإبراهيم وموسى ويحيى، وغيرهم، والباقي منهم هو أرواحهم، وأجسامهم سيبعثها اللَّه تعالى يوم البعث والنشور، وفرض أنه بعثها ثم أفناها فرض بعيد لم يذكر في حديث من الأحاديث، ولا خبر من الأخبار، ولو ضعيفا، وكل فرض في أمر غيبي لَا دليل عليه من المنقول فهو رد على قائله إلا أن يكون أمرا يؤدي إليه البرهان العقلي، ولا يوجد شيء لَا من المنقول ولا المعقول يقرر إعادة أجسام الأنبياء الكرام أحياء، ثم إعادتها إلى الفناء. =