القول فيها لم يكن كالقول في الأمرين السابقين، بل كان أقرب إلى الصدق، وإن لم يكن قطعا.
الأمر الثاني - أنه لم يذكر فيه أنه رجم بالغيب، بل هو نوع آخر، ربما كان أقرب إلى الصدق، أو على الأقل ليس فيه قطع بالكذب، ولا بالظن، وما دام لم يحكم بأنه رجم بالغيب، فاحتمال أن يكون له أساس قائم.
الأمر الثالث - أنه لم يذكر الواو في الأمرين الأولين فكان النص (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ)، فكان ذكر الكلب على أنه في العدد وصف، فهو ليس منفصلا عنهم في العدد، أما في السبعة، فقد ذكر مغايرا لهم؛ لأن العطف يقتضي المغايرة، وعبارات القرآن فيها الدقة والإحكام وأن تكون حروفه وكلماته كل في موضعه قد كان لغاية مؤداة ولم يكن عبثا.
وقد استنبط من هذا بعض المفسرين أن العدد الصادق هو سبعة، ونسب ذلك الرأي لعبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما الذي كان يقال عنه إنه ترجمان القرآن فقد روي عنه، وهو العربي القرشى الهاشمى أنه قال: حين وقعت الواٍ وانتهت المدة، ولأنه في العددين السابقين كان الاقتران بقوله تعالى: (رَجْما بِالْغَيْبِ) فاستأنس بذلك المفسرون وإن قول ابن عباس لَا يجوز أن يهمل في هذا؛ لأنه ليس كغيره من الأقوال إذ هو قول صحابي، وقول الصحابي إذا كان في أمر لا يُعلم بالاجتهاد المجرد فيحتمل على أنه سمعه من النبي - ﷺ - ويكون كالمرفوع تماما، وإن الأمر في هذا ليس للاجتهاد فيه موضع فيحتمل على أنه مرفوع.
وإنه قد جاء في كتاب " طبقات شهداء المسيحيين " أن عدتهم سبعة، ونذكر ذلك لَا لتقوية ما نقل عن ابن عباس، أو تزكيته ولكن لأنه عندهم؛ لأن علم النصارى الذين ثلثوا ليس علما متواترا، وليس له سند صحيح يعد ثقة من كل الوجوه، فضلا عن أن يكون متواترا كما ادعى بعض المفسرين في السنين الأخيرة، وأقرب الظن أنهم نقلوه من كتاب المسلمين، فبضاعتنا ردت إلينا، ويقول سبحانه آمرًا نبيه: (قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم)، أي قل يا رسولي لَا تخوضوا في هذا خوض