يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (٧) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (٨) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (٩) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (١١) يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (١٣) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (١٤) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥)
* * *
هذا عصر كثرت فيه خوارق العادات، لأنها كانت تصحيحا للعقول. وإزالة لفكرة خاطئة وقعت فيها الفلسفة التي كانت سائدة في هذا العصر، وهي نظام الأسباب العادية، وترتيب مسبباتها عليها، وأنه هو النظام المطرد المستقر الذي لا يمكن تغييره، وهو النظام الوجود، حتى زعموا أن اللَّه خلقت عنه الأشياء، منفعلة بالعِلِّية، وأنه ليس باختيار من اللَّه تعالى وإرادة، فكل ما في الوجود، جاء منفعلا عن علة وهو علَّة لغيره، حتى يتوالى كله بنظام العِلِّية، فالأب عِلَّة لوجود ابنه، إذا كان قويا والأم علَّة لوجود ولدها إذا كانت سليمة قوية ليست عاقرا.
وكان لَا بد لتصحيح هذه الفلسفة ولبيان بطلانها أن تكون أشياء بغير أسبابها التي استقرت أفهامهم على أنها أسباب طبيعية لها، وفي هذه السورة الكريمة كان