يقول أحد منهم إنه إله من دون الله، فمن قالها منهم فإن جزاءه جزاء العصاة، وهذا قوله تعالى: (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ) " من دونه " أي غير الله، ويعاند الله في ظاهر حاله والفاء واقعة في جواب الشرط، والإشارة إلى الذي يقول إني إله من دونه، والإشارة إلى فاعل فعل هي إشارة إلى الفعل، فهي إشارة إلى أن ذلك القول إجرام، ويكون كقول فرعون ما علمت لكم من إله غيري، وجهنم للعصاة دائما، و (كذَلِكَ) في ختام الآية الكريمة: (كذَلِكَ نجْزِي الظَّالِمِينَ) أي أنه كهذا الجزاء الذي ذكر لهم إذا ادَّعوا الألوهية يجزي الله الظالمين.
وفى هذا النص إشارة واضحة إلى أن الذين يعبدون المقربين كعيسى ابن مريم، وكالملائكة المقربين لَا يغضبون الله وحده، بل يغضبون من يعبدونهم ويخالفونهم، فالذين يقولون عيسى ابن الله أو الرب أو إله يعصون أول ما يعصون عيسى عليه السلام، وكذلك الذين يعبدون الملائكة المقربين.
والظلم المذكور في الآية هو ظلم الإشراك، وظلم المعصية، وظلم تضليلهم، وانهواء عقولهم، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
* * *
خلق الله يدل على وحدانية الله
(أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (٣٠) وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١) وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (٣٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣)
* * *