وإنه سبحانه وتعالى الفعَّال لما يريد، إن أراد أمرا قال له كن فيكون، ولا يريد شرا أبدا، وإن نزل بأحد ما يسوؤه فلن يستطيع أحد أن يغيره، وإن نال أحد نفعه فلن يمنعه أحد، وإن أراد نصرة من غيره فلن تكون إلا بإرادة اللَّه؛ ولذا قال عز من قائل:
(مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (١٥)
هذه الآية لبطلان وهم من يتوهم أن اللَّه تعالى لن ينصره إذا طلب النصرة العادلة منه، واعتمد على غيره، وذلك رد على من يوالي العباد من الموالي والعشراء في النصرة، فاللَّه وحده هو نعم المولى ونعم النصير، وبئس من يطلب نصرا من غيره وإنه ناصر نبيه في الدنيا والآخرة.
والضمير في (يَنصُرَهُ) في قوله تعالى: (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ) يعود إلى النبي - ﷺ - وإن كان لم يجر ذكره في الآيات قبله، أو في الآية السابقة، فإنه حاضر في نفس القارئ للقرآن، وفي قلب كل مؤمن فهو حاضر دائما، وإن محمدًا بعد الهجرة قد قامت حروب بينه وبين المشركين، وبينه وبين اليهود، واللَّه ناصره دائما، ولم يهزم في موقعة، وإذا كان قد أصيب بجراح وقتل من قتل في أُحُد فهو لم يهزم ولم يندحر فيها، وكان ذلك يغيظ الكافرين وخصوصا اليهود الذين كانوا يجاورونه في المدينة، ويذهب بهم في طغيانهم إلى أن يتمنوا ألا ينصره اللَّه تعالى، كما يتمنى الحاسد الحقود، وقد بين سبحانه في هذه الآية أن من المستحيل ألا ينصره اللَّه وليموتوا بغيظهم؛ ولذا قال: (مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُره اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ) من كان يظن مستمرا في ظنه الذي لا يصدُق، والاستمرار في هذا الظن هو من التعبير بـ (كَانَ)، و " أنْ " مخففة من الثقيلة، واسمها الحال والشأن، أي من يظن أن الحال والشأن أن لن ينصر اللَّه محمدا، وذلك مستحيل، فليمدد بسبب إلى السماء، والسبب: الحبل الذي يصعد به على النخل، والسماء. روي عن ابن عباس أنه قال: إنه سقف البيت، أي